١٨٣٩- (٤) وعن أبي هريرة قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام سأل عنه "أهدية أم صدقة" فإن قيل: صدقة، قال لأصحابه:"كلوا" ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده فأكل معهم)) .
ــ
اضطراراً وكم أحاديث تراها ناهية عن السؤال فعلى الحازم أنيراها كالميتة {فمن اضطر عير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}[البقرة:١٧٣](وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) فيه أيضاً دليل على تحريم الزكاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وإنها كانت محرمة عليهم سواء كانت بسبب العمل أو بسبب الفقر، والمسكنة وغيرها من الأسباب الثمانية وهذا هو الصحيح عندنا، وإليه ذهب الجمهور وجوز بعض الشافعية لبني هاشم ولبني المطلب العمل عليها بسهم العامل لأنه إجازة. قال النووي: وهذا ضعيف أو باطل وهذا الحديث صريح في رده (رواه مسلم) في الزكاة في قصة طويلة، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤:ص١٦٦) وأبوداود في الخراج والنسائي في الزكاة مطولاً ومختصراً، ورواه الطبراني في الكبير بسند فيه كلام عن ابن عباس فذكر القصة مختصرة وفي آخره فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء، إنما هي غسالة الأيدي إن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم - انتهى.
١٨٣٩- قوله:(إذا أتى بطعام) أي جيء به زاد أحمد وابن حبان من غير أهله (سأل عنه) أي عن الطعام (أهدية أم صدقة) بالرفع أي هو صدقة (قال لأصحابه) أي من غير آله (كلوا ولم يأكل) لأنها حرام عليه (وإن قيل هدية) بالرفع (ضرب بيده) أي شرع في الأكل مسرعاً، ومثله ضرب في الأرض إذا أسرع فيها قاله الحافظ: وقيل أي مد يده إليه من غير تحام عنه تشبيهاً للمد بالذهاب سريعاً في الأرض فعداه بالباء كما يقال ذهب به (فأكل معهم) فارقت الصدقة الهدية حيث حرمت عليه تلك، وحلت له هذه بأن الصدقة ما ينفق على الفقراء، ويراد به ثواب الآخرة ولا يكافيء في الدنيا فيبقى المنة عليه، وفيه عز للمعطى وذل للمعطى له والهدية يراد بها إكرام المهدي إليه والتقرب إليه، وتنفق على الأغنياء. وفيها غاية العزة والرفعة ويثاب عليها في الدنيا فيزول المنة البتة. وأيضاً لما كان صلى الله عليه وسلم آمراً بالصدقات ومرغباً في المبرات فتنزه عن الأخذ منها براءة لساحته عن الطمع فيها، وعن التهمة بالحث عليها، ولذا قال: تؤخذ من أغيناءهم وترد على فقراءهم إيماء إلى أن المصلحة راجعة إليهم وأنه سفير محض مشفق عليهم، وفي الحديث استعمال الورع والفحص عن أصل المآكل والمشارب