(متفق عليه) أخرجه البخاري في الهبة ومسلم في الزكاة، واللفظ للبخاري وأخرجه أحمد وابن حبان والبيهقي أيضاً وأخرجه الترمذي والنسائي والبيهقي أيضاً من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
١٨٤٠- قوله:(كان في بريرة) أي حصل بسببها وهي مولاة عائشة أم المؤمنين صحابية مشهورة وبريرة بفتح الموحدة وكسر الراء الأولى بوزن كريمة مشتقة من البرير وهو ثمر الأراك. وقيل: إنها فعيلة من البر بمعنى مفعولة كمبرورة، أو بمعنى فاعلة كرحيمة هكذا وجهه القرطبي. والأول أولى لأنه صلى الله عليه وسلم غير إسم جويرية، وكان إسمها برة. وقال: لا تزكوا أنفسكم فلو كانت بريرة من البر لشاركتها في ذلك، وكانت بريرة لقوم من الأنصار. وقيل لناس: من بني هلال فكاتبوها ثم باعوها فاشترتها عائشة ثم أعتقتها وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها، وكانت حال عتقها متزوجة عبداً، اسمه مغيث كما في البخاري، عاشت إلى زمن يزيد بن معاوية وتفرست في عبد الملك بن مروان أنه يلي الخلافة فبشرته بذلك وروى هو ذلك عنها (ثلاث سنن) بضم السين وفتح النون الأولى أي علم بسببها ثلاثة أحكام من الشريعة. وهذا لفظ البخاري ولمسلم ثلاث قضيات، وفي حديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود قضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أربع قضيات فذكر نحو حديث عائشة وزاد، وأمرها أن تعتد عدة الحرة أخرجه الدارقطني وهذه الزيادة لم تقع في حديث عائشة فلذلك اقتصرت على ثلاث لكن أخرج ابن ماجه بسند على شرط الشيخين عن عائشة قالت: أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض وهذا مثل حديث ابن عباس في قوله: "تعتد عدة الحرة" ولا يخالف قول عائشة ثلاث سنن، ما قال ابن بطال أنه أكثر الناس في تخريج الوجوه في حديث بريرة حتى بلغوها نحو مائة، وما قال النووي أنه صنف فيه ابن خزيمة وابن جرير تصنيفين كبيرين أكثرا فيهما من استنباطاً لفوائد منها، وما قال الحافظ إن بعض المتأخرين أوصل فوائد حديث بريرة إلى أربع مائة لأن مراد عائشة، ما وقع من الأحكام فيها مقصوداً خاصة لكن لما كان كل حكم منها يشتمل على تقعيد قاعدة يستنبط العالم الفطن منها فوائد جمة، وقع التكثر من هذه الحيثية وانضم إلى ذلك ما وقع في سياق القصة غير مقصود، فإن في ذلك أيضاً فوائد تؤخذ بطريق التنصيص أو الإستنباط أو اقتصر على الثلاث أو الأربع لكونها أظهر ما فيها وما عداها إنما يؤخذ بطريق الاستنباط أو لأنها أهم، والحاجة إليها أمس. قال القاضي عياض: حديث بريرة كثيرة السنن والعلم والآداب ومعنى ثلاث أو أربع إنها شرعت في قصتها وعند وقوع قضيتها وما يظهر فيها مما سوى ذلك، فكان قد علم قبل ذلك من غير قصتها، وهذا أولى من قول من قال ليس في كلام عائشة حصر، ومفهوم العدد ليس بحجة، وما أشبه ذلك من الاعتذارات التي لا تدفع