للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من رأس الجبل. إن الدين بدأ غريباً وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء، وهم الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي)) رواه الترمذي.

١٧١- وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل،

ــ

بضم الهمزة وتكسر، وبكسر الواو وتشديد الياء، أنثى الوعول، وهي تيوس الجبل، وهي تعتصم في أعلى الجبال، ولذلك يقال للوعل: الأعصم. والمعقل بكسر القاف، مصدر بمعنى العقل، ويجوز أن يكون إسم مكان أي كاتخاذ الأروية. (من رأس الجبل) حصناً. قال القاري: وخص الأروية دون الوعل؛ لأنها أقدر من الذكر على التمكن من الجبال الوعرة والمعنى: أن الدين في آخر الزمان عند ظهور الفتن واستيلاء الكفرة والظلمة على بلاد أهل الإسلام يعود إلى الحجاز كما بدأ. وقيل: المعنى أن الدين سيعقل ويعتصم في الحجاز، ويجتمع فيه عند ما يكون غريباً فيعود إلى الحجاز كما بدأ منه، ويكون عزيزاً قوياً فيه كالأروية في شناخيب الجبال، ثم يمتد وينتشر منه ثانية. (غريباً) أي كالغريب، أو حال (سيعود) أي غريباً (وهم الذين يصلحون) الخ. أي يعتنون بإصلاح ما أفسد الناس من السنة، ويعملون بها، ويظهرونها بقدر طاقتهم. (رواه الترمذي) في الإيمان من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه، عن جده، وقال: حديث حسن. وفيه ما تقدم انتقادا وجواباً. وارجع إلى المشكاة طبعة دمشق بتعليق الشيخ الألباني (ج١: ص٦٠) .

١٧١- قوله: (ليأتين) من الإتيان وهو المجيء بسهولة، وعدى بعلى لمعنى الغلبة المؤدية إلى الهلاك، ومنه قوله تعالى:: {ماتذر من شيء أتت عليه} [٤٢:٥١] . (على أمتي) قالوا: المراد أمة الإجابة وهم أهل القبلة، فإن اسم الأمة مضافاً إليه - صلى الله عليه وسلم - يتبادر منه أمة الإجابة. (كما أتي) وفي جامع الترمذي "ما أتى" أي بغير الكاف، فما موصولة، وهي مع صلتها فاعل "ليأتين"، أي ليفعلن أمتي ما فعل بنو إسرائيل من القبائح. وأما توجيه ما وقع ههنا فقال القاري: فاعل "ليأتين" مقدر يدل عليه سياق الكلام، والكاف منصوب عند الجمهور على المصدر، أي ليأتين على أمتي زمان إتياناً مثل الإتيان على بني إسرائيل. وجوز أن يكون الكاف فاعلاً، أي ليأتين على أمتي مثل ما أتى على بني إسرائيل. (حذو النعل بالنعل) حذو النعل استعارة في التساوى، وهو منصوب على المصدر، أي يحذونهم حذواً مثل حذو النعل بالنعل، يوافقونهم مثل موافقة النعل للنعل، ويعملون مثل أعمالهم كما تقطع إحدى النعلين على قدر النعل الأخرى، والحذو التقدير والقطع. فإن قيل: قد وقع فيما مضى قبل الأنبياء، وتحريف الكتب، قلت: لعل ما وقع في أيام بني أمية من قتل علماء التابعين مثل سعيد بن المسيب ونحوه من هذا القبيل، فعلماء أمته كأنبيائهم، كيف وقد قتلوا فلذة كبدة الرسول - صلى الله عليه وسلم - k والولد من أبيه كما قيل، وما اشتهر فيما مضى من تحاريف الباطنية، وفي هذا الزمان من بعض أهل البدع لا يقصر من تحريفهم، قاله محمد طاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>