للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٤٥- (١٠) وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوى)) .

ــ

١٨٤٥- قوله: (لا تحل الصدقة لغني) هذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم لكنهم، اختلفوا في حد الغنى المانع من الصدقة، وفي المحيط من كتب الحنفية الغنى على ثلاثة أنواع. غني: يوجب الزكاة وهو ملك نصاب حولي تام. وغني: يحرم الصدقة ويوجب صدقة الفطر والأضحية. وهو ملك ما يبلغ قيمة نصاب من الأموال الفاضلة عن حاجته الأصلية. وغني: يحرم السؤال، دون الصدقة وهو أن يكون له قوت يومه وما يستر عورته -انتهى. وبسط الكلام فيه ابن قدامة في المغني كما سيأتي (ولا لذى مرة) بكسر الميم وتشديد الراء أي قوة. قال الخطابي: معنى المرة القوة وأصلها من شدة قتل الحبل يقال أمررت الحبل إذا أحكمت فتله فمعنى المرة في الحديث شدة اسر الخلق وصحة البدن التي يكون معها احتمال الكد والتعب - انتهى. وقال الشوكاني: قال الجوهري: المرة القوة وشدة العقل ورجل مرير أي قوي ذو مرة. وقال غيره: المرة القوة على الكسب والعمل (سوى) أي سليم الخلق تام الأعضاء. قال الجوهري: السوى مستوى الخلق والمراد استواء الأعضاء وسلامتها قال ابن الملك: أي لا تحل الزكاة لمن أعضاءه صحيحة، وهو قوي يقدر على الاكتساب بقدر ما يكفيه وعياله، وبه قال الشافعي. قال الطيبي وقيل: المعنى ولا لذى عقل وشدة وهو كناية عن القادر على الكسب، وهو مذهب الشافعي والحنفية على أنه إن لم يكن له نصاب حلت الصدقة. قال القاري: في هذا الحديث نفي كمال الحل لا نفس الحل أو لا تحل له بالسؤال -انتهى. وقال السندي: لا تحل الصدقة أي سؤالها وإلا فهي تحل للفقير وإن كان صحيحاً سوى الأعضاء إذا أعطاءه أحد بلا سؤال وقال الترمذي: قد روى في غير هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل المسألة لغني. ولا لذى مرة سوى، وإذا كان الرجل قوياً محتاجاً، ولم يكن عنده شيء فتصدق عليه أجزأ عن المتصدق عند أهل العلم. ووجه هذا الحديث عند بعض أهل العلم على المسألة -انتهى. يعني إن هذا الحديث محمول على المسألة، والمراد بقوله لا تحل الصدقة لا تحل المسألة، والدليل عليه حديث حبشي بن جنادة الآتي في الفصل الثاني من الباب الذي يليه، قال الخطابي: اختلف الناس في جواز أخذ الصدقة لمن يجد قوة يقدر بها على الكسب، فقال الشافعي: لا تحل له الصدقة. وكذلك قال إسحاق بن راهوية وأبوعبيد، وقال أصحاب الرأي: يجوز له أخذ الصدقة إذا لم يملك مائتي درهم فصاعداً -انتهى. وقال ابن قدامة (ج٢:ص١٦٦) اختلف العلماء في الغنى المانع من أخذها ونقل عن أحمد فيه روايتان أظهرهما أنه ملك خمسين درهماً أو قيمتها من الذهب أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام من كسب، أو تجارة أو عقار أو نحو ذلك ولو ملك من العروض، أو الحبوب أو السائمة أو العقار ما لا تحصل به الكفاية لم يكن غنياً وإن ملك نصاباً هذا هو الظاهر من مذهبه، وهو قول الثوري

<<  <  ج: ص:  >  >>