والنخعي وابن المبارك وإسحاق. وروي عن علي وعبد الله إنهما قالا: لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهماً أو عدلها أو قيمتها من الذهب وذلك لما روى عبد الله بن مسعود مرفوعاً من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشاً أو خدوشاً أو كدوحاً في وجهه. فقيل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! وما الغنى؟ قال خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب (وسيجيء هذا الحديث في الباب الذي يليه) والرواية الثانية إن الغنى ما تحصل به الكفاية فإذا لم يكن محتاجاً حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئاً، وإن كان محتاجاً حلت له الصدقة، وإن ملك نصاباًً والأثمان وغيرها في هذا سواء وهذا اختيار أبي الخطاب، وقول مالك والشافعي لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة: رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوى الحجى من قومه الحديث (وسيجيء في الباب الآتي) فمد إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد، ولأن الحاجة هي الفقر والغنى ضدها فمن كان محتاجاً فهو فقير يدخل في عموم النص، ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة. والحديث الأول فيه ضعف ثم يجوز إن تحرم المسألة ولا يحرم أخذ الصدقة إذا جاءته عن غير المسألة، فإن المذكور فيه تحريم المسألة فنقتصر عليه. وقال الحسن وأبوعبيد: الغنى ملك أوقية وهي أربعون درهماً لما روى أبوسعيد الخدري مرفوعاً من سأل، وله قيمة أوقية فقد الحف رواه أبوداود، وكانت الأوقية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين درهماً وقال أصحاب الرأي الغنى: الموجب للزكاة هو المانع من أخذها وهو ملك نصاب تجب فيه الزكاة من الأثمان والعروض المعد للتجارة أو السائمة أو غيرها لحديث "تؤخذ من أغنياءهم وترد في فقراءهم" فجعل الأغنياء من تجب عليهم الزكاة، فيدل ذلك على أن من تجب عليه غنى، ومن لا تجب عليه ليس بغنى فيكون فقيراً، فتدفع الزكاة إليه لقوله فترد في فقراءهم فيحصل الخلاف بيننا وبينهم في أمور ثلاثة. أحدها إن الغنى المانع من الزكاة غير الموجب لها عندنا، ودليل ذلك حديث ابن مسعود وهو أخص من حديثهم فيجب تقديمه، ولأن حديثهم دل على الغنى الموجب، وحديثنا دل على الغنى المانع ولا تعارض بينهما فيجب الجمع بينهما. الثاني إن من له ما يكفيه من مال غير زكائي أو مكسبه أو أجرة عقارات أو غيره ليس له الأخذ من الزكاة وبهذا. قال الشافعي وإسحاق وأبوعبيدة وابن المنذر وقال أبويوسف: إن دفع الزكاة إليه فهو قبيح وأرجو أن يجزئه وقال أبوحنيفة وسائر أصحابه: يجوز دفع الزكاة إليه لأنه ليس بغنى لما ذكروه في حجتهم. ولنا ما روى الإمام أحمد من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار، يعني الذي يأتي بعد هذا. ثم ذكر حديث عبد الله بن عمر والذي نحن في شرحه. ثم قال: ولأن له ما يغنيه عن الزكاة فلم يجز الدفع إليه كمالك النصاب. الثالث إن من ملك نصاباً زكائياً لا تتم به الكفاية من غير الأثمان فله الأخذ من الزكاة. قال