الميموني: ذاكرت أباعبد الله. فقلت: قد يكون للرجل الإبل والغنم تجب فيها الزكاة، وهو فقير ويكون له أربعون شأة وتكون له الضيعة لا تكفيه فيعطى من الصدقة؟ قال نعم وذكر قول عمر أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا وقال في رواية محمد بن الحكم: إذا كان له عقار يشغله أو ضيعة تساوي عشرة آلاف أو أقل أو أكثر لا تقيمه يأخذ من الزكاة وهذا قول الشافعي وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يأخذ منها إذا ملك نصاباً زكوياً لأنه تجب عليه الزكاة فلم تجز له للخبر، ولنا أنه لا يملك ما يغنيه ولا يقدر على كسب ما يكفيه فجاز له الأخذ من الزكاة ولأن الفقر عبارة عن الحاجة. قال الله تعالى:{يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله}[فاطر:١٥] أي المحتاجون إليه وهذا محتاج فيكون فقيراً غير غنى، وقد بينا إن الغنى يختلف مسماه فيقع على ما يوجب الزكاة وعلى ما يمنع منها فلا يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر، ولا من عدمه عدم الآخر. فمن قال: إن الغنى هو الكفاية سوى بين الأثمان وغيرها، وجوز الأخذ لكل من لا كفاية له، وإن ملك نصباً من جميع الأموال. ومن قال بالرواية الأخرى فرق بين الأثمان وغيرها لخبر ابن مسعود إلى آخر ما بسطه. وقال الأمير اليماني في شرح بلوغ المرام: قد اختلفت الأقوال في حد الغنى الذي يحرم به قبض الصدقة على أقوال، وليس عليها ما تسكن له النفس من الاستدلال لأن المبحث ليس لغوياً حتى يرجع فيه إلى تفسير لغة، ولأنه في اللغة أمر نسبي لا يتعين في قدر ووردت أحاديث معينة لقدر الغنى الذي يحرم به السؤال كحديث أبي سعيد عند النسائي من سأل وله أوقية فقد الحف، وعند أبي داود من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل الحافاً، وأخرج أيضاً من سأل وله ما يغنيه فإنما يستكثر من النار. قالوا: وما يغينيه؟ قال: قدر ما يعشيه ويغديه صححه ابن حبان، فهذا قدر الغنى الذي يحرم معه السؤال. وأما الغنى الذي يحرم معه قبض الزكاة فالظاهر أنه من تجب عليه الزكاة وهو من يملك مائتي درهم لقوله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن آخذها من أغنياءكم وأردها في فقراءكم فقابل بين الغنى، وأفاد أنه من تجب عليه الصدقة وبين الفقير، وأخبر أنه من ترد فيه الصدقة هذا أقرب ما يقال فيه -انتهى. قلت: وبه قال الحنفية كما تقدم وهو الراجح عندي والله تعالى أعلم (رواه الترمذي وأبوداود والدارمي) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢:ص١٦٤-١٩٢) وأبوعبيد (ص٥٤٩) والطيالسي وابن الجارود في المنتقى (ص١٨٦) والبخاري في التاريخ الكبير (ج٢،١:ص٣٠١) والدارقطني (ص٢١١) والحاكم (ج١:ص٤٠٧) والطحاوي (ج١:ص٣٠٣) كلهم من حديث سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد العامري عن عبد الله بن عمرو، قال الترمذي: حديث حسن وذكر إن شعبة رواه عن سعد بن إبراهيم بهذا الإسناد ولم يرفعه. وقال أبوداود وقال عطاء بن زهير: إنه لقى عبد الله بن عمرو، فقال إن الصدقة لا تحل لقوى، ولا لذى مرة سوى. وقال الإمام أحمد قال عبد الرحمن بن مهدي: ولم يرفعه سعد ولا ابنه يعني إبراهيم بن سعد. وقال البخاري في التاريخ الكبير: وروى إبراهيم بن سعد