ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب)) . رواه أبوداود والنسائي.
١٨٤٨- (١٣) وعن عطاء بن يسار، مرسلاً، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة.
ــ
بغير حق إن كنتما قويين كما دل عليه حالكما أو غنيين (ولا حظ) أي نصيب (فيها لغني ولا لقوي مكتسب) بصيغة الفاعل أي قادر على الكسب. قال الطيبي: أي لا أعطيكما؛ لأن في الصدقة ذلاً وهواناً. فإن رضيتما بذلك أعطيتكما أو لا أعطيكما لأنها حرام على القوي المكتسب، فإرضيتما بأكل الحرام أعطيكما قاله توبيخاً وتغليظاً، أي كقوله تعالى:{ومن شاء فليكفر}[الكهف:٢٩] وقال السندي: قوله "إن شئتما" الخ يدل على أنه لو أدى أحد إليهما يحل لهما أخذه ويجزيء عنه، وإلا لم يصح له أن يؤدي إليهما بمشيئتهما فقوله "ولا حظ فيها" الضمير للصدقة على تقدير المضاف، أي في سؤالها أو للمسألة المعلومة من المقام - انتهى. وقال ابن الهمام: الحديث دل على أن المراد حرمة سؤالهما لقوله "وإن شئتما أعطيتكما" فلو كان الأخذ محرماً غير مسقط عن صاحب المال لم يفعله - انتهى. والحديث من أدلة تحريم الصدقة على الغني، وهو تصريح بمفهوم الآية وإن اختلف في تحقيق الغني بما سلف وعلى القوي المكتسب، لأن حرفته صيرتة في حكم الغني. ومن أجاز له تأول بما تقدم في أول كلام الطيبي وفي كلام السندي وابن الهمام (رواه أبوداود والنسائي) وأخرجه أيضاً الشافعي وأحمد (ج٤ ص٢٢٤) وأبوعبيد (ص٥٤٩) والدارقطني (ص٢١١) والطحاوي (ص٣٠٣) والطبراني والبيهقي (ج٧ ص١٤) كلهم من حديث هشام بن عروة عن أبي عبيد الله بن عدي بن الخيار، وقد سكت عنه أبوداود والمنذري. وقال الحافظ في بلوغ المرام: قواه أبوداود. وقال أحمد: ما أجوده من حديث، وقال هو أحسنها إسناداً. وقال صاحب التنقيح: حديث صحيح ورواته ثقات. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
١٨٤٨- قوله:(وعن عطاء بن يسار) بفتح الياء تابعي جليل (مرسلاً) أي بحذف الصحابي وهو أبوسعيد الخدري كما سيأتي (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة) فتحل لهم وهم أغنياء؛ لأنهم أخذوها بوصف آخر قاله الزرقاني: وقال ابن رشد: الجمهور على أنه لا تجوز الصدقة للأغنياء بأجمعهم، إلا للخمس الذي نص عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث. روى عن ابن القاسم أنه لا يجوز أخذ الصدقة لغني أصلاً مجاهداً كان أو عاملاً. قال: وسبب اختلافهم هو هل العلة في إيجاب الصدقة للأصناف المذكورين هو الحاجة فقط أو الحاجة والمنفعة العامة إلى آخر ما قال. وعند الحنفية: سبب استحقاق الزكاة في الكل واحد وهو الفقر والحاجة إلا العاملين عليها والمؤلفة، واختلاف الأسماء إنما هو لبيان أسباب الحاجة. قال أبوبكر الجصاص الرازي في أحكام القرآن: وجميع من يأخذ