للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................

ــ

العامل والمؤلف والغازي والغارم لا صلاح ذات البين. قال ابن العربي في أحكام القرآن: قال أبوحنيفة: لا يعطي الغازي إلا إذا كان فقيراً وهذه زيادة على النص وعنده إن الزيادة على النص نسخ ولا نسخ في القرآن إلا بقرآن مثله أو بخبر متواتر - انتهى. وأما حديث عبد الله بن عمرو فهو مجمل يفسره حديث عطاء بن يسار هذا وهو حديث موصول صحيح كما ستعرف. قال ابن عبد البر: هذا الحديث مفسر لمجمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى وإنه ليس على عمومه، وأجمعوا على أن الصدقة المفروضة لا تحل لغير الخمسة المذكورين - انتهى. وأجاب الحنفية عن هذا الحديث بوجوه. منها: ما قال العيني: المراد من قوله: لغاز في سبيل الله هو الغازي الغني بقوة البدن والقدرة على الكسب، لا الغني بالنصاب الشرعي بدليل حديث معاذ وفي ذكر هذا غنى عن الرد، ويدل على بطلانه أيضاً حديث عبد الله بن عمرو وحديث عبيد الله بن عدي بن الخيار المتقدمين كما لا يخفي. ومنها: ما قيل إن المستثنى مقيد بالفقر وإطلاق الغني عليه مجاز باعتبار ما كان. قال الكاساني في البدائع: وأما استثناء الغازي فمحمول على حال حدوث الحاجة وسماه غنياً على اعتبار ما كان قبل حدوث الحاجة وهو أن يكون غنياً، ثم تحدث له الحاجة بأن كان له دار يسكنها، ومتاع يمتهنه، وثياب يلبسها وله مع ذلك فضل مائتي درهم حتى لا تحل له الصدقة، ثم يعزم على الخروج في سفر غزو فيحتاج إلى آلات السفر والسلاح والمركب، فيجوز أن يعطي من الصدقة ما يستعين به في حاجته التي تحدث له في سفره، وهو في مقامه غني بما يملكه، لأنه غير محتاج في حال الإقامة. فيحمل قوله: لا تحل الصدقة لغني إلا لغاز في سبيل الله على من كان غنياً في حال مقامه، فيعطي بعض ما يحتاج لسفره لما أحدث له السفر من الحاجة إلا أنه يعطي حين يعطي وهو غني - انتهى ملخصاً. وفيه إن هذا يدل على أن المراد من الغازي هو الغني الذي تحدث له الحاجة إلى جهز الجهاد عند إرادة الغزو وإنشاء سفره، وهذا مخالف لما صرح به الحنفية في كتب فروعهم من أن المراد من سبيل الله في الآية منقطع الغزاة. ثم فسروه بالذي عجز عن اللحوق بجيش الإسلام لفقره بهلاك النفقة والدابة أو غيرها وإن كان في بيته مال وافر، فتحل له الصدقة وإن كان كاسباً - انتهى. وقال في شرح الأحياء قال أبوحنيفة: هذا السهم مخصوص بجنس خاص من الغزاة وهو الفقير المنقطع، وبه فسر في سبيل الله وبه قال أبويوسف وهو المفهوم من اللفظ عند الإطلاق فلا يصرف إلى أغنياء الغزاة - انتهى. وفيه أيضاً تقييد المستثنى بالفقر مع كون المستثنى منه مطلقاً، وارتكاب المجاز من غير دليل وهذا لا يجوز: وأما حديث معاذ فقد تقدم توجيهه. ومنها ما ذكر ابن الهمام قيل: لم يثبت هذا الحديث يعني الذي استدل به الشافعي ومن وافقه، وهو حديث عطاء بن يسار ولو ثبت لم يقو قوة حديث معاذ، فإنه رواه أصحاب الكتب الستة مع قرينة حديث عبد الله بن

<<  <  ج: ص:  >  >>