الله} [التوبة:٦٠] إن المراد به الغزاة، وعليه الجمهور، قال أبوعبيد (ص٦١٠) بعد ذكر هذا الحديث فأرخص - صلى الله عليه وسلم - للغازي أن يأخذ من الصدقة وإن كان غنياً، ونراها تأويل هذه الآية قوله "وفي سبيل الله" وقال الخطابي: في الحديث بيان إن للغازي وإن كان غنياً أن يأخذ الصدقة، ويستعين بها في غزوة وهو من سهم سبيل الله وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال أصحاب الرأي لا يجوز أن يعطي الغازي من الصدقة إلا أن يكون منقطعاً به. قلت (قائله الخطابي) : سهم السبيل غير سهم ابن السبيل. وقد فرق الله بينهما بالتسمية وعطف أحدهما على الآخر بالواو والذي هو حرف الفرق بين المذكورين المنسوق أحدهما على الآخر، فقال وفي سبيل الله وابن السبيل والمنقطع به هو ابن السبيل، فأما سهم السبيل فهو على عمومه وظاهره في الكتاب. وقد جاء في هذا الحديث ما بينه ووكد أمره فلا وجه للذهاب عنه - انتهى. وقال الباجي: لا بأس أن يعطى من الزكاة للغازي وإن كان معه ما يغنيه وإن لم يأخذ فهو أفضل هذا قول مالك وبه قال الشافعي: وقال أبوحنيفة: لا يعطي الغازي الغني شيء من الصدقة ولا يحل له أخذها. وقال ابن المنذر: وأما قول أبي حنيفة لا يعطي الغازي من الزكاة إلا أن يكون محتاجاً فهو خلاف ظاهر الكتاب والسنة، فأما الكتاب فقوله تعالى:{وفي سبيل الله} وأما السنة فحديث أبي سعيد يعني الذي نحن في شرحه. وقال الشوكاني في السيل الجرار: تحت قول صاحب حدائق الأزهار وسبيل الله هو المجاهد الفقير ما لفظه، أقول قد عرفناك إن حديث أبي سعيد فيه التصريح بعدم اشتراط الفقر فيمن اشتمل عليه ومن جملتهم الغازي، فالسنة قد دلت على أنه يصرف إلى هذا الصنف مع الغنى. والقرآن لم يشترط فيه الفقر فلم يبق ما يوجب هذا الاشتراط، بل هو مجرد رأي بحت فيصرف إليه ما يحتاجه في الجهاد من سلاح ونفقة وراحلة وإن بلغ أنصباً كثيرة قلت: واستدل لأبي حنيفة بحديث معاذ: أمرت أن آخذ الصدقة من أغنياءكم وأردها في فقرائكم. قال الكاساني: جعل الناس قسمين. قسم، يؤخذ منهم. وقسم، يصرف إليهم. فلو جاز صرف الصدقة إلى الغني لبطلت القسمة وهذا لا يجوز، وبحديث عبد الله بن عمرو المتقدم بلفظ: لا تحل الصدقة لغني، قال ابن الهمام حديث: لا تحل الصدقة لغني مع حديث معاذ يفيد منع غنى الغزاة والغارمين عنها، فهو حجة على الشافعي في تجويزه لغني الغزاة إذا لم يكن له شيء في الديوان ولم يأخذ من الفيء وأجيب عن ذلك بأنه لو صح ما قال الكاساني للزم اشتراط الفقر في العامل والمؤلف أيضاً، ولما جاز دفع الزكاة إلى غنى العاملين والمؤلفة قلوبهم وإلا لبطلت القسمة، وأيضاً لزم تقييد إطلاق القرآن بخبر الواحد وهذا لا يجوز عند الحنيفة. وقدمنا إن حديث معاذ فيه بيان للصنف الواحد فقط من الأصناف الثمانية وهم الفقراء وذلك لمقابلة الأغنياء أو لكونهم إذ ذاك هم الأغلب لا، لأن هذا الصنف هو المصرف فقط. ولا لأن الفقر شرط في الأصناف الآخر، والمفهوم من الآية إن المعتبر في المصارف المذكورة. أما حاجتهم إلى الصدقة وهذا في الفقير والمسكين والرقبة والغارم لقضاء دينه وابن السبيل أو حاجة المسلمين إليهم والمنفعة العامة، وهذا في