أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين، فأهدى المسكين للغنى)) . رواه مالك وأبوداود.
ــ
عام وحديثنا خاص فالعمل به أولى - انتهى. وقال الشوكاني: لا معارضة بين الحديثين، لأن حديث عمر في صدقة التطوع وحديث أبي سعيد في صدقة الفريضة، فيكون الشراء جائزاً في صدقة الفريضة إلى آخر ما قال (أو لرجل) أي غني (كان له جار) ذكره تمثيلاً لا إحترازاً فلا مفهوم له (مسكين) المراد به ما يعم الفقير أيضاً (فتصدق) بصيغة المجهول (على المسكين) بشيء (فأهدى) أي ذلك الشيء (المسكين) بالرفع (للغني) أي فيحل له كما تقدم في قصة بريرة، وفي هذا والذي قبله دليل على أن الزكاة، والصدقة إذا بلغت محلها ملكها الآخذ فيجوز له التصرف فيها بالبيع والصدقة والهدية، وتغيرت صفتها وزال عنها اسم الزكاة وتغيرت الأحكام المتعلقة بها. والحكم المذكور في الحديث إنما هو صدقة الفريضة. وأما التطوع فيحل للغني والفقير مطلقاً (رواه مالك) أي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلاً (وأبوداود) وأخرجه أيضاً الحاكم (ج١:ص٤٠٨) كلاهما من طريق مالك ورواه البيهقي من طريق أبي داود (ج٧:ص١٥) قال أبوداود: ورواه ابن عيينة عن زيد بن أسلم كما قال مالك أي مرسلاً، ورواه الثوري عن زيد فقال: حدثني الثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وأخرجها أبوعبيد في الأموال (ص٥٤٩-٦١٠) قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلاً. قال ابن عبد البر: قد وصل هذا الحديث جماعة من رواية زيد بن أسلم - انتهى. قلت اختلف في هذا الحديث على زيد بن أسلم عن عطاء. فقال مالك وابن عيينة وغيرهما: من أصحابه عنه، هكذا مرسلاً. ورواه الثوري. فقيل عنه هكذا، وقيل عن عطاء حدثني الثبت كما أشار إليه أبوداود. وقيل عن عطاء عن أبي سعيد الخدري أخرجه الدارقطني (ص٢١١) والبيهقي (ج٧:ص١٥) من طريق عبد الرزاق عن معمر والثوري كلاهما عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد. ورواه معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد من غير خلاف فيه، أخرجه أبوداود وابن ماجه وأحمد (ج٣:ص٥٦) والبزار والحاكم (ج١:ص٤٠٧) والبيهقي (ج٧:ص١٥-٢٢) والوصل زيادة من الثقة العدل لا يحل تركها، فلا يلتفت إلى قول من أعله بإرسال من أرسله كائناً من كان، وقد صححه جماعة كما قال الحافظ في التلخيص. ومنهم الحاكم حيث قال: حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قال الحاكم: ولم يخرجه الشيخان لإرسال مالك إياه عن زيد بن أسلم، ثم رواه من طريقه مرسلاً، وقال هذا من شرط في خطبة الكتاب إنه صحيح فقد يرسل مالك في الحديث ويصله ويسنده ثقة، والقول قول الثقة الذي يصله ويسنده.