للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك)) .

ــ

ما تولى الله بيانه في الكتاب، وأحكم فرضه فليس به حاجة إلى زيادة من بيان النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان شهادات الأصول والوجه الآخر ما ورد ذكره في الكتاب مجملاً، ووكل بيانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو يفسره قولاً وفعلاً. أو يتركه على إجماله ليتنبه فقهاء الأمة ويستدركوه استنباطاً وإعتباراً بدلائل الأصول، وكل ذلك بيان مصدره عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - (فجزأها) بتشديد الزاي فهمز من التجزئة أي قسم أصحابها (ثمانية أجزاء) أي أصناف أو قسم مصارفها ثمانية أنواع (فإن كنت من تلك الأجزاء) أي من أصحاب تلك الأجزاء (أعطيتك) كذا في جميع النسخ، وكذا نقله المجد بن تيمية في المنتقى، ووقع في سنن أبي داود أعطيتك حقك، وكذا نقله الجزري في جامع الأصول، والبغوي في المصابيح، والخطابي في المعالم. وكذا وقع عند البيهقي. والظاهر أنه سقط لفظ حقك من نسخ المشكاة من النساخ، أو قلد المصنف في ذلك صاحب المنتقى. قال الخطابي (ج٢:ص٥٦) : في قوله "فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك" دليل على أنه لا يجوز جمع الصدقة كلها في صنف واحد، وإن الواجب تفرقتها على أهل السهمان بحصصهم، ولو كان معنى الآية بيان المحل دون الحصص لم يكن للتجزئة معنى، ويدل على صحة ذلك قوله "أعطيتك حقك" فبين إن لأهل كل جزء على حدة حقاً، وإلى هذا ذهب عكرمة وهو قول الشافعي قلت: اختلف الأئمة في أنه هل يجوز إن تصرف جميع الصدقة إلى صنف واحد من الأصناف المنصوصة مع وجود جميعها، أم هم شركاء في الصدقة، لا يجوز أن يخص بها صنف دون صنف. فذهب مالك وأبوحنيفة وأصحابه وأحمد إلى أنه يجوز للإمام أن يصرفها في صنف واحد، ويجوز أن يعطيها شخصاً واحداً، وهو قول حذيفة وابن عباس وعمر. وبه قال سعيد بن جبير، والحسن والنخعي وعطاء. واليه ذهب الثوري وأبوعبيد والشعبي. وقال الشافعي وأصحابه: لا يجوز ترك صنف منهم مع وجوده بل يجب التعميم في القسمة، واستيعاب الأصناف والتسوية بينها، وروى عن النخعي أنه قال إن كان المال كثيراً يحتمل الأصناف قسمه عليهم، وإن كان قليلاً جاز وضعه في صنف واحد. وقال مالك: يتحرى موضع الحاجة منهم، ويقدم الأولى فالأولى. وقال أحمد: تفريقها وتعميمها أولى ويجزئه أن يضعه في صنف واحد. وقال الحنفية: صاحب المال مخير إن شاء أعطى جميعهم، وإن شاء اقتصر على صنف واحد، وكذا يجوز أن يقتصر على شخص واحد من أي صنف شاء. قال ابن رشد: وسبب اختلافهم معارضة اللفظ للمعنى فإن اللفظ يقتضى القسمة بين جميعها، والمعنى يقتضى أن يؤثر بها أهل الحاجة إذ كان المقصود بها سد الخلة فكان تعديدهم في الآية عند هؤلاء، إنما ورد لتمييز الجنس أعنى أهل الصدقات لا تشريكهم في الصدقة، فالأول أظهر من جهة اللفظ، وهذا أظهر من المعنى. ومن الحجة للشافعي ما رواه أبوداود عن الصدائي - انتهى. قلت: المشهور إن اللام في الآية للصيرورة عند المالكية وللملك عند

<<  <  ج: ص:  >  >>