الشافعية وهو الذي يقتضيه مذهبهم، وعند الحنفية للاختصاص لا للملك يعني إنهم مختصون بالزكاة، ولا تكون لغيرهم كقولهم الخلافة لقريش، والسقاية لبني هاشم أي لا يوجد ذلك في غيرهم فتكون اللام لبيان محل صرفها أي المقصود من الآية بيان الأصناف التي يجوز الدفع إليهم لا تعيين الدفع لهم. قال الطيبي: إنما سمي الله تعالى الأصناف الثمانية في آية الصدقات إعلاماً منه إن الصدقة لا تخرج عن هذه الأصناف، لا إيجاب التقسيم فيما بينهم جميعاً، يدل عليه إيراد الآية بأداة الحصر. أي إنما الصدقات لهؤلاء الأصناف، لا لغيرهم - انتهى. والتمليك ركن من أركان الزكاة عند الحنفية، واستدلوا لذلك بوجوه بسطها ابن الهمام وغيره. منها: إن الله تعالى سماها صدقة وحقيقة الصدقة تمليك المال من الفقير. ومنها: قوله تعالى: {وآتوا الزكاة}[البقرة:٤٣] والإيتاء هو التمليك. ومنها: قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء}[التوبة:٦٠] الآية. وقوله تعالى:{وفي أموالهم حقٌ للسائل والمحروم}[الذاريات:١٩] قال في البدائع: والإضافة بحرف اللام تقتضي الاختصاص بجهة الملك إذا كان المضاف إليه من أهل الملك. وقال بعضهم: اللام في الآية للعاقبة. قال في العناية: معناه إن المقبوض يصير ملكاً لهم في العاقبة فهم مصاريف ابتداء لا مستحقون ثم يحصل لهم الملك في العاقبة بدلالة اللام واعترض عليه بأنه لا يدل لام العاقبة على التمليك، كما في قوله تعالى:{فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً}[الكهف:٨] وكما قال الشاعر:
لدوا للموت وابنوا للخراب
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاذ: تؤخذ من أغنياءهم وترد على فقراءهم. قالوا: الرد على الفقراء لا يكون إلا بتمليكهم إياها، وأجاب الحنفية عن حديث الصدائي بأنه ضعيف وعلى تسليم صحته ليس فيه دلالة إلا على أن الزكاة لا تصرف إلا إلى هذه الأجزاء الثمانية، لا إنها تصرف إلى جميع هذه الأجزاء، وإنما جزأ الله ثمانية لئلا تخرج الصدقة عن تلك الأجزاء. وقال الشوكاني في وبل الغمام: بعد الإشارة إلى تضعيف هذا الحديث ما نصه وعلى فرض صلاحيته للاحتجاج فالمراد بتجزئة الصدقة تجزئة مصارفها كما هو ظاهر الآية التي قصدها - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان المراد تجزئة الصدقة نفسها. وإن كل جز لا يجوز صرفه في غير الصنف المقابل له لما جاز صرف نصيب ما هو معدوم من الأصناف إلى غيره وهو خلاف الإجماع، وأيضاً لو سلم ذلك لكان باعتبار مجموع الصدقات التي تجتمع عند الإمام لا باعتبار صدقة كل فرد، فلم يبق ما يدل على وجوب التقسيط بل يجوز إعطاء بعض المستحقين بعض الصدقات، وإعطاء بعضهم بعضاً، نعم إذا جمع الإمام جميع صدقات أهل قطر من الأقطار وحضر عنده جميع الأصناف الثمانية كان لكل صنف حق في مطالبته، بما فرضه الله تعالى له، وليس عليه تقسيط ذلك بينهم بالسوية ولا تعميمهم بالعطاء، بل له أن يعطى بعض الأصناف أكثر من البعض الآخر، وله أن يعطى بعضهم