فيكف الله بها وجهه، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)) . رواه البخاري.
١٨٥٧- (٦) وعن حكيم بن حزام، قال: ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأعطاني، ثم سألته فأعطاني ثم قال لي: يا حكيم! إن هذا المال خضر حلو.
ــ
منصوب بتقدير"إن" أي فإن يبيع تلك الحزمة (فكيف) بالنصب أيضاً (الله بها) أي فيمنع الله بسبب الحزمة وثمنها (وجهه) أي من أن يريق ماءه بالسؤال (خير له) قال الحافظ: ليست "خير" هنا بمعنى التفضيل إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب، والأصح عند الشافعية إن سؤال من هذا حاله حرام. ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيراً، وهو في الحقيقة شر - انتهى. وقال السندي في حاشية مسلم: قوله "خير له" الخ. أي لو فرض في السؤال خيريه لكان هذا خبراً منه، إلا فمعلوم أنه لا خيرية في السؤال. وقال في حاشية ابن ماجه: الكلام من قبيل "وإن تصوموا خيراً لكم" والمراد إن ما يلحق الإنسان بالاحتزام من التعب الدنيوي خير له مما يلحقه بالسؤال من التعب الأخروي، فعند الحاجة ينبغي له أن يختار الأول ويترك الثاني (من أن يسأل الناس) أي من سؤال الناس، ولو كان الاكتساب بعمل شاق كالاحتطاب. وقد روى عن عمر فيما ذكره ابن عبد البر مكسبة فيها بعض الدناءة خير من مسألة الناس (أعطوه) فحملوه ثقل المنة مع ذل السؤال (أو منعوه) فاكتسب الذل والخيبة والحرمان يعني يستوي الأمر إن في أنه خير له. وفي الحديث الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولو أمتهن المرأ نفسه في طلب الرزق، وارتكب المشقة في ذلك ولولا قبح المسألة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها، وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن ذل الرد، إذا لم يعط. ولما يدخل على المسؤل من الضيق في ماله أن أعطى كل سائل، وفيه فضيلة الاكتساب بعمل اليد (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد (ج١:ص١٤٦-١٦٨) وابن ماجه والبيهقي (ج٤:ص١٩٥) وفي الباب عن أبي هريرة عند مالك والشيخين والترمذي والنسائي.
١٨٥٧- قوله:(وعن حكيم بن حزام) بفتح المهملة في الأول وكسرها في الثاني، وتخفيف الزاي المعجمة (سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني ثم سألته فأعطاني) كذا وقع في هذه الرواية بتكرير الإعطاء مرتين وفي سائر الروايات بتكرير السؤال والإعطاء ثلاثاً (ثم قال لي) أي بعد الإعطاء الثالث كما في سائر الروايات (إن هذا المال خضر) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، أي طرى ناعم مرغوب فيه غاية الرغبة (حلو) بضم الحاء المهملة وسكون اللام، أي لذيذ عند النفس تميل إليه بالطبع غاية الميل. وقيل: الخضر في العين طيب، والحلو يكون في الفم طيباً: إذ لا تمل العين من النظر إلى الخضر، ولا يمل الفم من أكل الحلو فكذلك النفس حريصة بجمع المال