للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واليد العليا خير من اليد السفلى. واليد العليا خير من اليد السفلى. قال حكيم. فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحداً بعدك شيئاً، حتى أفارق الدنيا)) .

ــ

الكلب كلما أزداد جوعاً فلا يجد شبعاً ولا ينجع فيه الطعام، والمراد أنه لا ينقطع شهاءه فيبقى في حيرة الطلب على الدوام ولا ينقضي شهواته التي لأجلها طلبه. وفي الحديث على التعفف والرضا بما تيسر في عفاف، وإن كان قليلاً، وإنه لا يغتر الإنسان بكثرة ما يحصل له بإشراف ونحوه فإنه لا يبارك له فيه (واليد العليا) أي المنفقة (خير من اليد السفلى) أي السائلة. قال السندي: المشهور تفسير اليد العليا بالمنفقة وهو الموافق للأحاديث. وقيل: عليه كثيراً ما يكون السائل خيراً من المعطى فكيف يستقيم هذا التفسير وليس بشيء إذا الترجيح من جهة الإعطاء والسؤال، السؤال لا من جميع الوجوه والمطلوب الترغيب في التصدق والتزهيد في السؤال، ومنهم من فسر العليا بالمتعففة عن السؤال حتى صفحوا المنفقة في الحديث (يعني حديث ابن عمر الآتي) بالمتعففة والمراد بالعلو قدر أو على الوجهين فالسفلى هي السائلة. إما لأنها تكون تحت يد المعطى وقت الإعطاء أو لكونها ذليلة بذل السؤال والله أعلم. بحقيقة الحال - انتهى. قلت: القول الراجح المعول عليه هو أن المراد بالعليا هي المنفقة وبالسفلى السائلة. لما روى أحمد والطبراني بإسناد صحيح عن حكيم بن خزام مرفوعاً: يد الله فوق يد المعطى، ويد المعطى فوق يد المعطى، ويد المعطى أسفل الأيدي، وللطبراني من حديث عدي الجذامي مرفوعاً مثله. وروى النسائي وابن حبان والدارقطني من حديث طارق المحاربي. قال: قدمنا المدينة فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول: يد المعطى العليا. ولابن أبي شيبة والبزار من طريق ثعلبة بن زهدم مثله، ولأبي داود وابن خزيمة والحاكم من حديث أبي الأحوض عوف بن مالك عن أبيه مرفوعاً الأيدي ثلاثة. فيد الله: العليا. ويد المعطى: التي تليها. ويد السائل: السفلى. ولأحمد والبزار من حديث عطية السعدي اليد المعطية هي العليا، والسائلة هي السفلى. قال الحافظ بعد ذكر هذه الأحاديث: فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية وإن السفلى هي السائلة وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور - انتهى. وفي تفسير ذلك أقوال أخرى ذكرها الحافظ في الفتح. ثم قال وكل هذه التأويلات تضمحل عند الأحاديث المتقدمة المصرحة بالمراد فأولى ما فسر الحديث بالحديث - انتهى. (لا أزرأ) بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح الزاي بعدها همزة أي لا انقص (أحداً) أي مال أحد بالسؤال عنه والأخذ منه (بعدك) أي بعد سؤالك هذا أو بعد قولك هذا (شيئاً) مفعول ثان "لأرزأ" بمعنى أنقص أي لا آخذ من أحد شيئاً بعدك، وفي رواية قلت: فواالله لا تكون يدي بعدك تحت يد من أيدي العرب (حتى أفارق الدنيا) أي إلى أن أموت ولم يرزأ حكيم أحداً من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي لعشر سنين من إمارة معاوية مبالغة في الاحتراز، إذا مقتضى الجبلة الإشراف والحرص والنفس سراقة، ومن حام حول الحمى

<<  <  ج: ص:  >  >>