للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده. فقال: "ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر،

ــ

وكذا في المصابيح وهكذا وقع في الصحيحين والموطأ وجامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي، ووقع في بعض نسخ المشكاة سألوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر إنه غلط من الناسخ (فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم) بتكرير السؤال والإعطاء مرتين ووقع ذلك في بعض النسخ من صحيحي البخاري ومسلم ثلاث مرات (حتى نفد) بكسر الفاء وبالدال المهملة أي فرغ وفني (ما عنده) من المال (ما يكون عندي من خير) أي مال ومن بيان لما "وما" موصولة لا شرطية وإلا لوجب "يكن" بحذف الواو والفاء في قوله (فلن أدخره عنكم) لتضمن المبتدأ معنى الشرط، وأدخره بتشديد الدال المهملة، أي كل شيء من المال موجود عندي فلن أحبسه وأخبأه وأمنعكم إياه منفرداً به عنكم أو لن أجعله ذخيرة لغيركم معرضاً عنكم (ومن يسعف) بفاء واحدة مشددة. قال القاري: وفي بعض النسخ بالفك، ويظهر من كلام الحافظ والقسطلاني إن في رواية الكشمهيني يستعفف أي بفاءيين، للحموي والمستملى يستعف أي بفاء واحدة مشددة، يعني من يطلب من نفسه العفة عن السؤال. قال الطيبي: أويطلب العفة من الله تعالى فليس السين لمجرد التأكيد. قال الجزري: الاستعفاف طلب العفاف، والتعفف، وهو الكف من الحرام والسؤال من الناس أي من طلب العفة وتكلفها أعطاه الله إياها. وقيل: الاستعفاف، الصبر والنزاهة عن الشيء يقال: عف يعف عفة فهو عفيف - انتهى. (يعفه الله) بضم التحتية وكسر المهملة ونصب الفاء المشددة أي يرزقه الله العفة أي الكف عن السؤال والحرام ولأبي ذر، يعفه الله برفع الفاء قاله القسطلاني. وقال في المجمع: يعفه من الاعفاف وبفتح فاء مشددة، وضمه بعضهم إتباعهم بضم الهاء - انتهى. قال القاري: يعفه الله أي يجعله عفيفاً من الاعفاف وهو إعطاء العفة، وهي الحفظ عن المناهي يعني من قنع بأدنى قوت وترك السؤال تسهل عليه القناعة وهي كنز لا يفنى. وقال ابن التين: معناه إما أن يرزقه من المال ما يستغنى به عن السؤال، وإما أن يرزقه القناعة (ومن يستغن) أي بالله عمن سواه أو يظهر للغنى بالاستغناء عن أموال الناس والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنياً من التعفف (يغنه الله) أي يجعله غنياً أي بالقلب ففي الحديث ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غني النفس. ولو حمل على غنى المال لم يبعد أي يعطيه ما يغنيه عن الخلق (ومن يتصبر) بفتح الفوقية وتشديد الموحدة المفتوحة أي يعالج الصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا. وقال السندي: أي يتكلف في تحمل مشاق الصبر وفي التعبير بباب التكلف إشارة إلى أنه ملكة الصبر تحتاج في الحصول إلى الاعتبار، وتحمل المشاق من الإنسان. وقال القاري: أي يطلب توفيق الصبر من الله لأنه قال تعالى: {واصبر وما صبرك إلا بالله}

<<  <  ج: ص:  >  >>