للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصبره الله. وما أعطى أحد عطاء، هو خير وأوسع من الصبر)) . متفق عليه.

١٨٦٠ - (١٠) وعن عمر بن الخطاب، قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء

ــ

[النحل:١٢٧] أو يأمر نفسه بالصبر، ويتكلف في التحمل عن مشاقة، وهو تعميم بعد تخصيص؛ لأن الصبر يشتمل على صبر الطاعة والمعصية والبليلة أو من يتصبر عن السؤال والتطلع إلى ما في أيدي الناس بأن يتجرع مرارة ذلك ولا يشكو حاله لغير ربه (يصبره الله) بضم أوله وتشديد الموحدة المكسورة من التصبير أي يسهل عليه الصبر فتكون الجمل مؤكدات، ويؤيد إرادة معنى العموم قوله الآتي وما أعطى أحد الخ. وقال الباجي: معناه من يتصد للصبر ويؤثره يعينه الله تعالى عليه ويوفقه (وما أعطى) بضم الهمزة مبنياً للمفعول (أحد) بالرفع نائب عن الفاعل (عطاء) بالنصب مفعول ثان "لأعطى" وفي الترمذي ما أعطى أحد شيئاً وفي رواية مسلم وأبي داود من عطاء (هو خير) أي أفضل كذا في جميع نسخ المشكاة الحاضرة ووقع في صحيح مسلم "خير" بلا لفظ هو، وهو مقدر. وهكذا وقع في بعض نسخ البخاري، ووقع في بعضها "خيراً" بالنصب على أنه صفة عطاء، وهكذا في المصابيح. قال العيني: قوله "خيراً" بالنصب صفة عطاء" ويروي خير بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو خير انتهى. (وأوسع) عطف على خير (من الصبر) لجمعه مكارم الأخلاق؛ ولأنه كما قال الباجي: أمر يدوم له الغنى به بما يعطي وإن كان قليلاً ولا يفنى، ومع عدمه لا يدوم له الغنى وإن كثر. وربما يغنى ويمتد إلى أكثر منه مع عدم الصبر. وقال ابن الجوزي: إنما جعل الصبر خير العطاء؛ لأنه حبس النفس عن فعل ما تحبه والزامها بفعل ما تكره في العاجل مما لو فعله أو تركه لتأذى به في الآجل. وقال القاري: وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات؛ لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات، ولذا قدم على الصلاة في قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} [البقرة:٤٥] ومعنى كونه أوسع أنه تتسع به المعارف والمشاهد والأعمال والمقاصد - انتهى. وفي الحديث إعطاء السائل مرتين أو ثلاثاً والاعتذار إليه والحض على التعفف، وفيه جواز السؤال للحاجة وإن كان الأولى تركه والصبر حتى يأتيه رزقه بغير مسألة، وفيه الحث على الصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا وإن الصبر أفضل ما يعطاه المرأ لكون الجزاء عليه غير مقدر ولا محدود، وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من السخاء وإنفاذ أمر الله (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد ومالك في كتاب الجامع من الموطأ. والترمذي في البر والصلة وأبوداود والنسائي والبيهقي في الزكاة.

١٨٦٠- قوله: (يعطيني العطاء) قيل كان ذلك أجر عمله في الصدقة كما يدل عليه حديث ابن الساعدي في الفصل الثالث. وقال الحافظ: قوله: "يعطيني العطاء أي من المال الذي يقسمه في المصالح" قال وفي حديث ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>