للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال استعملني عمر على الصدقة، فلما فرغت منها وأديتها إليه، أمرني بعمالة، فقلت: إنما عملت لله وأجري على الله، قال خذ ما أعطيت، فإني قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمني، فقلت: مثل قولك، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أعطيتك شيئاً من غير أن تسأله فكل وتصدق)) .

ــ

سعد بن بكر بن هوازن، وفد عبد الله بن سعدي على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه قديماً. وسكن الأردن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب حديث العمالة، وروى عنه حويطب بن عبد العزى وبسر بن سعيد وغيرهما. قال الحافظ في الفتح: ومات عبد الله بن السعدي بالمدينة سنة سبع وخمسين، ويقال بل مات في خلافة عمر والأول أقوى. قلت: الأول قول الواقدي. والثاني قول ابن حبان. وقال ابن عساكر: لا أراه محفوظاً وقوله ابن الساعدي هكذا وقع في رواية الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عند أبي داود والنسائي ومسلم، وخالفه عمرو بن الحارث عن بكير عند مسلم. فقال ابن السعدي قال الحافظ: وهو المحفوظ. وقال عياض: الصواب ابن السعدي كما في الرواية الأخرى. وإنما قيل: له السعدي لأنه استرضع في بني سعد بن بكر. وأما الساعدي فلا يعرف له وجه. وابنه عبد الله من الصحابة وهو قرشي عامري مالكي. وقال النووي: أما قوله الساعدي فأنكروه قالوا وصوابه السعدي كما رواه الجمهور منسوب إلى بني سعد بن بكر كما سبق. قلت: وهكذا وقع في رواية السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عند البخاري والنسائي (إستعملني عمر) أي جعلني عاملاً (على الصدقة) أي على أخذها وجمعها (فلما فرغت منها) أي من أخذها وجبابتها (وأديتها إليه) أي إلى عمر (أمر لي بعمالة) بضم العين المهملة وتخفيف الميم أي أجرة العمل. قال الجوهري: العمالة بالضم رزق العامل على عمله، وذكر الحافظ في الفتح رواية من فوائد أبي بكر النيشابوري، تدل على أن العمالة المذكورة كانت ألف دينار والله تعالى أعلم. (قال) أي عمر (خذ ما أعطيت) على بناء المفعول والأمر للاستحباب عند الجمهور (فعملني) بتشديد الميم أي أعطاني أجرة عملي، والمعنى أراد إعطاءها وأمر لي بالعطاء (فقلت مثل قولك) فيه منقبة لعمر وبيان فضله وزهده وإيثاره، وكذا لإبن السعدي فقد وافق فعله فعل عمر سواء (إذا أعطيت) بصيغة المجهول (شيئاً من غير أن تسأله فكل وتصدق) أي خذه ولا ترده، واصنع ما شئت من الأكل والتصدق. وقيل: أي كل حال كونك فقيراً وتصدق حال كونك غنياً. قال الشوكاني: في الحديث دليل على أن عمل الساعي سبب لإستحقاقه الأجرة كما أن وصف الفقر والمسكنة هو السبب في ذلك، وإذا كان العمل هو السبب اقتضى قياس قواعد الشرع إن المأخوذ في مقابلته أجرة، ولهذا قال أصحاب الشافعي تبعاً له إنه يستحق أجرة المثل. وفيه أيضاً دليل على أن من نوع التبرع يجوز له أخذة الأجر بعد ذلك، ولهذا قال المصنف

<<  <  ج: ص:  >  >>