١٨٧٠- (٢٠) وعن علي، أنه سمع يوم عرفة رجلاً يسأل الناس. فقال:((أفي هذا اليوم، وفي هذا المكان تسأل من غير الله؟ فخفقه بالدرة)) . رواه رزين.
ــ
يعني المجد بن تيمية صاحب المنتقى. وفيه دليل على أن نصيب العامل يطيب له وإن نوى التبرع أو لم يكن مشروطاً - انتهى. وقال المنذري: في الحديث جواز أخذ الأجرة على إعمال المسلمين وولاياتهم الدينية والدنيوية، قيل: وليس معنى الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام على أغنياء الناس وفقراءهم، واستشهد بقوله في بعض طرقه فتموله. وقال الفقير: لا ينبغي أن يأخذ من الصدقة ما يتخذه مالاً كان عن مسألة أو غير مسألة -انتهى. قال ابن المنذر حديث ابن السعدي حجة في جواز أرزاق القضاة عن وجوهها. وقال الطبري: في حديث عمر الدليل الواضح على أن لمن شغل بشيء من إعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك، كالولاة والقضاة وجباة الفيء وعمال الصدقة. وشبههم لإعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر العمالة على عمله، وذكر ابن المنذر إن زيد بن ثابت كان يأخذ الأجر على القضاء. واحتج أبوعبيد في ذلك بما فرض الله للعاملين على الصدقة. وجعل لهم منها حقاً لقيامهم وسعيهم فيها (رواه أبوداود) فيه تساهل فإن الحديث أخرجه مسلم والنسائي بهذا اللفظ، والبخاري في الأحكام بنحوه فكان على المصنف أن يقول رواه مسلم وأبوداود والنسائي أو يقول متفق عليه.
١٨٧٠- قوله:(فقال) أي علي (أفي هذا اليوم وفي هذا المكان) أي أفي زمان إجابة الدعاء ومكان قبول الثناء وحصول الرجاء (تسأل من غير الله) أي شيئاً حقيراً مثل الغداء أو العشاء. قال الطيبي: أي هذا المكان وهذا اليوم، ينافيان السؤال من غير الله، ويلحق بذلك السؤال في المساجد إذ لم تبن إلا للعبادة - انتهى. قلت قد روى أبوداود والبيهقي في باب المسألة في المساجد، والحاكم من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل فيكم أحد أطعم اليوم مسكيناً. فقال أبوبكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها منه فدفعتها إليه - انتهى. وهذا بظاهره يدل على جواز السؤال في المساجد والإعطاء فيها، خلافاً لمن ذهب إلى تحريم السؤال فيها، وكراهة الإعطاء مطلقاً (فخفقه) أي ضربه وهو من باب ضرب ونصر يقال: خفقه بالسيف أي ضربه به ضرباً خفيفاً، والمخفق السيف العريض، والمخفقة الدرة يضرب بها. وقال الطيبي: الخفق الضرب بالشيء العريض (بالدرة) بكسر الدال وتشديد الراء في القاموس هي التي يضرب بها (رواه رزين) .