للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لسرني أن لا يمر على ثلاث ليال، وعندي منه شيء، إلا شيء أرصده لدين)) . رواه البخاري.

١٨٧٥- (٢) وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من يوم يصبح

ــ

ما يسرني أن لي أحداً ذهباً، وفي رواية للبخاري فلما أبصر أحداً قال ما أحب أنه تحول لي ذهباً يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث. قال الحافظ: ويمكن الجمع بين قوله مثل أحد وبين قوله تحول لي أحد بحمل المثلية على شيء يكون وزنه من الذهب وزن أحد، والتحويل على أنه إذا انقلب ذهباً كان قدر وزنه أيضاً (لسرني) باللام قبل السين جواب لو أي أعجبني وجعلني في سرور (أن لا يمر علي) وفي رواية أن لا تمر بي (ثلاث ليال) قيل قيد بالثلاث لأنه لا يتهيأ تفريق قدر أحد من الذهب في أقل منها غالباً ويعكر عليه رواية يوم وليلة، فالأولى أن يقال الثلاثة أقصى ما يحتاج إليه في تفرقة مثل ذلك والواحدة أقل ما يمكن (وعندي منه شيء) قال ابن الملك الواو فيه للحال يعني لسرني عدم مرور ثلاث ليال والحال أن يكون فيها شيء منه عندي، والنفي في الحقيقة راجع إلى الحال (إلا شيء) وفي رواية إلا شيئاً بالنصب، قال الطيبي: وجه الرفع إن قوله "شيء" في حيز النفي أي لسرني أن لا يبقى منه شيء إلا شيء - انتهى. ووجه النصب إن المستثنى منه مطلق عام، والمستثنى مقيد خاص ووقع تفسير شيء في رواية بدينار (أرصده) بضم الهمزة وكسر الصاد أي أعده وأحفظه (لدين) بفتح الراء أي لأداء دين لأن قضاء الدين واجب فهو مقدم على الصدقة المندوبة، وهذا الإرصاد أعم من أن يكون لصاحب دين غائب حتى يحضر فيأخذه أو لأجل وفاء دين مؤجل حتى يحل فيوفى. قال القاري: قوله "لدين" أي لأداء دين كان على لأن أداء الدين مقدم على الصدقة، وكثير من جهلة العوام وظلمة الطغام يعملون الخيرات والمبرات، وعليهم حقوق الخلق ولم يلتفتوا إليها، وكثير من المتصوفة غير العارفة يجتهدون في الرياضات وتكثير الطاعات والعبادات وما يقومون بما يجب عليهم من الديانات -انتهى. وفي الحديث الحث على الإنفاق في وجوه الخيرات وأنه صلى الله عليه وسلم كان في أعلى درجات الزهد في الدنيا بحيث أنه لا يحب أن يبقى في يده شيء من الدنيا إلا لإنفاقه فيمن يستحقه. وأما لإرصاده لمن له حق، وإما لتعذر من يقبل ذلك من لتقييده في رواية بقوله أجد من يقبله ويؤخذ منه جواز تأخير الزكاة الواجبة عن الإعطاء إذا لم يوجد من يستحق أخذها، وينبغي لمن وقع له ذلك أن يعزل القدر الواجب من ماله، ويجتهد في حصول من يأخذه، فإن لم يجد فلا حرج عليه، ولا ينسب إلى تقصير في حبسه. وفيه تقديم وفاء الدين على صدقة التطوع، وفيه جواز الاستقراض، وفيه الحث على وفاء الديون، وأداء الأمانات (رواه البخاري) في الرقاق بهذا اللفظ، وأخرجه أيضاً في الاستقراض وفي التمنى نحوه، وأخرجه أحمد (ج٢: ص٢٥٦-٣١٦) ومسلم أيضاً فكان على المصنف أن يقول متفق عليه.

١٨٧٥- قوله: (ما من يوم) "ما" نافية و"من" زائدة لتأكيد الإستغراق والمعنى ليس يوم (يصبح

<<  <  ج: ص:  >  >>