العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً. ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً)) . متفق عليه.
ــ
العباد فيه) صفة يوم (إلا ملكان) مبتدأ خبره (ينزلان) أي فيه وهذه الجملة مع ما يتعلق بها في محل الخبر وهو مستثنى من محذوف أي على وجه إلا هذا الوجه كذا في المرقاة. وقال القسطلاني:"ما" بمعنى ليس و"يوم" اسمه و"من" زائدة و"يصبح العباد" صفة "يوم" وملكان مستثنى من محذوف وهو خبر ما أي ليس يوم موصوف بهذا الوصف ينزل فيه أحد إلا ملكان، فحذف المستثنى منه ودل عليه بوصف الملكين ينزلان (فيقول أحدهما) الخ قال السندي: لا فائدة في هذا القول على تقدير عدم سماع الناس ذلك، إذ لا يحصل به ترغيب ولا ترهيب بدون السماع، لأنا نقول تبليغ الصادق يقوم مقام السماع فينبغي للعاقل أن يلاحظ كل يوم هذا الدعاء بحيث كأنه يسمعه من الملكين فيفعل بسبب ذلك ما لو سمع من الملكين لفعل. وهذا هو فائدة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك على أن المقصود بالذات الدعاء لهذا، وعلى هذا سواء علموا به أم لا، والله تعالى أعلم (اللهم أعط) بقطع همزة أعط (منفقاً) أي منفق مال. وقيل: أي من ينفق من محله في محله (خلفاً) بفتح اللام أي عوضاً عظيماً وهو العوض الصالح أو عوضاً في الدنيا وبدلاً في العقبى لقوله تعالى {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}[سبأ: ٣٩] وقوله ابن آدم أنفق أنفق عليك، قيل أبهم الخلف لتتناول المال والثواب وغيرهما، فكم من منفق مات قبل أن يقع له الخلف المالي، فيكون خلفه الثواب المعدله في الآخرة، أو يدفع عنه من السوء ما يقابل ذلك (ويقول) الملك (الآخر اللهم أعط ممسكاً) أي من يمسك عن خيره لغيره (تلفاً) بفتح اللام أي هلاكاً وضياعاً زاد ابن أبي حاتم من حديث أبي الدرداء فأنزل الله تعالى في ذلك {فأما من أعطى واتقى إلى قوله العسرى}[الليل:٥] وقوله اللهم أعط ممسكاً تلفاً هو من قبيل المشاكلة لأن التلف ليس بعطية. قال الحافظ: تضمنت الآية الوعيد بالتيسير لمن ينفق في وجوه البر، والوعيد بالتعسير لعكسه والتيسير المذكور أعم من أن يكون لأحوال الدنيا وأحوال الآخرة، وكذا دعاء الملك بالخلف يحتمل الأمرين، وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه، أو تلف نفس صاحب المال أو المراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها. قال النووي: الإنفاق الممدوح ما كان في الطاعات، وعلى العيال والضيفان والصدقات ونحو ذلك بحيث لا يذم ولا يسمى سرفاً والإمساك المذموم الإمساك عن هذا. وقال القرطبي: هو يعم الواجبات والمندوبات لكن الممسك عند المندوبات لا يستحق هذا الدعاء إلا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحق الذي عليه ولو أخرجه (متفق عليه) وأخرجه ابن حبان والطبراني بنحوه كما في الترغيب. وفي الباب عن أبي الدرداء عند أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي.