للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٧٦- (٣) وعن أسماء، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انفقي ولا تحصى فيحصى الله عليك، ولا توعي، فيوعي الله عليك ارضخي ما استطعت)) .

ــ

١٨٧٦- قوله: (وعن أسماء) بنت الصديق الأكبر (قالت قال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم انفقي) بهمزة قطع وكسر فاء (ولا تحصى) بضم أوله وكسر الصاد صيغة نهى المؤنث من الإحصاء، أي لا تعدي ما أنفقته فتستكثريه (فيحصى الله عليك) بنصب فيحصى مع كسر صاده جواب النهى أي حتى يعطيك الله أيضاً بحساب ولا يرزقك من غير حساب. والمراد التعليل، وقيل معناه ولا تبقى شيئاً للإدخار فإن من أبقى شيئاً إحصاه وقوله "فيحصى الله عليك" أي فيقل الرزق عليك بقطع البركة ومنع الزيادة ويجعله كالشيء المعدود أو فيحاسبك عليه في الآخرة. قال الطيبي: أصل "الإحصاء" الإحاطة بالشيء حصراً وتعداد أي معرفة قدره وزناً أو عدداً والمراد به ههنا عد الشيء للتبقية والقنية وإدخاره للإعتداد به وترك الإنفاق منه في سبيل الله، وإحصاء الله تعالى يحتمل وجهين، أحدهما أنه يحبس عنك مادة الرزق ويقلله بقطع البركة حتى يصير كالشيء المعدود، والآخر أنه يحاسبك ويناقشك عليه في الآخرة. وقال النووي: هذا من مقابلة اللفظ باللفظ للتجنيس كما قال تعالى {ومكروا ومكر الله} [آل عمران: ٥٤] ومعناه يمنعك كما منعت ويفتر عليك كما فترت ويمسك فضله عنك كما أمسكته (ولا توعى) بعين مهملة من أوعبت المتاع في الوعاء أوعية إذا جعلته فيه ووعيت الشيء حفظته والمراد لازم الايعاء وهو الإمساك (فيوعي الله عليك) بضم التحتية وكسر العين والنصب لكونه جواباً للنهى مقروناً بالفاء، وإسناده إلى الله مجاز عن الإمساك أي لا تجمعي في الوعاء وتبخلي بالنفقة فتجازى بمثل ذلك. وقال الخطابي: لا توعي أي لا تخبئي الشيء في الوعاء أي لأن مادة الرزق متصلة بإتصال النفقة منقطعة بانقطاعها فلا تمنعي فضلها فتحرمي مادتها وفي رواية لا توكي فيوكي الله عليك بالكاف بدل العين فيهما، والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط الذي يربط به، يقال أوكى ما في سقاءه إذا شده بالوكاء، وهو الخيط الذي يشد به رأس القربة، وأوكى علينا أي بخل أي لا توكى مالك عن الصدقة خشية نفاده ولا تمنعي ما في يدك، وتدخري فتنقطع مادة الرزق عنك. وفيه أن السخاء يفتح أبواب الرزق والبخل بخلافه قال النووي: معنى الحديث الحث على النفقة في الطاعة والنهى عن الإمساك والبخل (إرضخي) من باب فتح والرضخ براء وضاد معجمة وخاء كذلك العطية القليلة أي أعطى وأنفقي من غير أحجاف. وقيل أي أعطى شيئاً وإن كان يسيراً، يقال رضخه أعطاه عطاء غير كثير أو قليلاً من كثير (ما استطعت) أي ما دمت مستطيعة قادرة على الرضخ فما ظرفية أي مدة إستطاعتك، أو موصولة أي الذي استطعته، أو نكرة موصوفة أي شيئاً إسطعته. قال النووي: معناه مما يرضى به الزبير، وتقديره إن لك في الرضخ مراتب مباحة بعضها فوق بعض وكلها يرضاها الزبير فافعلي أعلاها أو يكون معناه ما استطعت مما هو ملك لك. وقال ابن الملك: وإنما أمرها

<<  <  ج: ص:  >  >>