١٨٩٢- (١٩) وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:((بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة: أسق حديقة فلان،
ــ
ص٦٦٧) إذا عطي من يظنه فقيراً فبان غنياً فعن أحمد فيه روايتان إحداهما يجزئه أي تسقط عنه الزكاة ولا تجب عليه الإعادة، أختارها أبوبكر، وهذا قول الحسن وأبي عبيد وأبي حنيفة. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الرجلين الجلدين وقال: إن شئتما أعطيتكما ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب. وقال للرجل الذي سأله الصدقة: إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك ولو اعتبر حقيقة لما أكتفى بقولهم. ثم ذكر ابن قدامة حديث أبي هريرة هذا الذي نحن في شرحه. ثم قال: والرواية الثانية لا يجزئه، وعليه الإعادة، لأنه دفع الواجب إلى غير مستحقه فلم يخرج من عهدته كما لو دفعها إلى كافر، وهذا قول الثوري والحسن بن صالح وأبي يوسف وابن المنذر وللشافعي قولان كالروايتين - انتهى. قلت: المسألة عند الحنفية إنه لو دفع الزكاة بتحر لمن يظنه مصرفاً فبان إنه غني وأبوه أو ابنه لا يعيد؛ لأنه أتى بما وسعه حتى لو دفع بلا تحر لم يحزان اخطأ. واستدل ابن الهمام لذلك بما روى البخاري عن معن بن يزيد. قال كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال: والله ما إياك أردت فخاصمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فقال لك ما نويت يا يزيد! ولك ما أخذت يا معن - انتهى. قال ابن الهمام: وهو وإن كان واقعة حال يجوز فيها كون تلك الصدقة كانت نفلاً، لكن عموم لفظ ما في قوله عليه الصلاة والسلام: لك ما نويت يفيد المطلوب ذكره القاري فتأمل. قال الحافظ: فإن قيل: إن الخبر يعني حديث الباب إنما تضمن قصة خاصة وقع الإطلاع فيها على قبول الصدقة، برؤيا صادقة اتفاقية فمن أين يقع تعميم الحكم وتعدية إلى غيرها، فالجواب إن التنصيص في هذا الخبر على رجاء الاستعفاف هو الدال على تعدية الحكم، فيقتضي ارتباط القبول بهذه الأسباب. وفي الحديث استحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع الموقع، وإن الحكم للظاهر حتى يتبين سواه، وبركة التسليم والرضا وذم التضجر بالقضاء كما قال بعض السلف: لا تقطع الخدمة ولو ظهر لك عدم القبول (متفق عليه) أخرجاه في الزكاة وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي في الزكاة، والبيهقي (ج٤ ص١٩٢وج٧ ص٣٤)(ولفظه للبخاري) أي ولمسلم معناه، وقد تقدم الإشارة إلى ما فيه من التسامح.
١٨٩٢-قوله:(بينا) بإشباع الفتحة ألفاً أي بين أوقات (رجل بفلاة) بفتح الفاء أي بصحراء واسعة (أسق) بقطع همزة ووصله (حديقة فلان) الحديقة بفتح الحاء المهملة بستان إذا كان عليه حائط، وقال