للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا تصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية. فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، لا تصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق وزانية وغني؟ فأتى، فقيل له، أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله)) .

ــ

(لا تصدقن) أي الليلة وكما في رواية مسلم، وفيه فضل صدقة السر وفضل الإخلاص (بصدقة) أخرى على مستحق (فخرج بصدقته) ليضعها في يد مستحق (فوضعها في يد) امرأة (زانية فأصبحوا) أي بنو إسرائيل (يتحدثون) تعجبا أو إنكارا (تصدق) بصيغة المجهول أيضاً وكذلك تصدق الثالث (الليلة على زانية فقال) المتصدق (اللهم لك الحمد على) تصدقي (على زانية) حيث كان بإرادتك لا بإرادتي (فأتى) في رواية الطبراني في مسند الشاميين فساءه ذلك فأتى في منامه، وكذلك أخرجه أبونعيم والإسماعيلي ورؤيا غير الأنبياء وإن كان لا حجة فيها لكن هذا الرؤيا قد قررها النبي - صلى الله عليه وسلم -. فحصل الاحتجاج بتقريره - صلى الله عليه وسلم - (فقيل له أما صدقتك على سارق) زاد في رواية أبي عوانة: قد قبلت، وفي رواية مسلم وأحمد: أما صدقتك فقد قبلت، وفي رواية الطبراني: إن الله قد فبل صدقتك (فلعله أن يستعف عن سرقته) بفتح السين وكسر الراء أي إما مطلقاً أو مدة الاكتفاء (وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها بالقصر وفيه إيماءؤ إلى أن الغالب في السارق والزانية إنهما يرتكبان المعصية للحاجة. (وأما الغني فلعله يعتبر) أي يتعظ ويتذكر (فينفق) بالرفع فيه وفي يعتبر وفي رواية أي يعتبر فينفق (مما أعطاه الله) في الحديث دلالة على أن الصدقة كانت عندهم مختصة بأهل الحاجة من أهل الخير، ولهذا تعجبوا من الصدقة على الأصناف الثلاثة. وفيه إن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته، ولو لم تقع الموقع وهذا في صدقة التطوع. واختلف الفقهاء في الأجزاء إذا كان ذلك في زكاة الفرض. قال الحافظ: ولا دلالة في الحديث على الأجزاء ولا على المنع، ومن ثم ترجم البخاري على هذا الحديث بلفظ: الاستفهام فقال "باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم" ولم يجزم بالحكم. قلت: قد تقدم وجه الاستدلال به على الأجزاء في الصدقة الواجبة بأن قوله "لا تصدقن" من باب الالتزام كالنذر فصار الصدقة واجبة عليه. وقد قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤيا المتصدق في قبول صدقته، فصح الاستدلال به في زكاة الفرض والله تعالى أعلم. قال ابن قدامة (ج٢

<<  <  ج: ص:  >  >>