للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. فقال: إن كنت كاذباً، فصيرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته. فقال: له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد على هذا، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأعمى في صورته وهيأته. فقال: رجل مسكين وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك، شأة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت. فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله.

ــ

كذا في جميع النسخ الحاضرة بزيادة لفظ مالاً، ووقع في الصحيحين بحذفه وهو الصواب، فيعم إعطاء المال والجمال (إنما ورثت) بفتح الواو وكسر الراء المخففة، وقيل: بضم الواو وتشديد الراء المكسورة (كابراً) حال (عن كابر) أي كبيراً عن كبير في العز والشرف والثروة أي ورثته عن آبائي الذين ورثوه من أجداد الذين ورثوه من آباءهم، حال كون كل واحد منهم كبيراً ورث عن كبير في العز والشرف. وقال القاري: والمعنى حال كوني أكبر قومي سناً ورياسة ونسباً وآخذاً عن آبائي الذين هم كذلك حساً، وهذا من باب الإكتفاء في الجواب، فإنه يلزم عرفاً من التكذيب في شيء تكذيبه في آخر (فقال) له الملك (إن كنت كاذباً) في مقالتك هذه (فيصيرك الله إلى ما كنت) من البرص والفقر، والجملة جواب الشرط، وأدخل الفاء في الفعل الماضي، لأنه دعاء وعبر بالماضي لقصد المبالغة في الدعاء عليه، والشرط ليس على حقيقته، لأن الملك لم يشك في كذبه، بل هو مثل قول العامل إذا سوف في عمالته إن كنت عملت فأعطني حقي (وأتى الأقرع في صورته) زاد في رواية البخاري وهيئته (وابن السبيل) أي مسافر (لا أجهدك) قال القاري: بفتح الهمزة والهاء وفي نسخة: بضم الهمزة وكسر الهاء (اليوم بشيء) كذا في جميع النسخ بشيء، وكذا وقع في البخاري ووقع في مسلم شيئاً (أخذته لله) قال النووي: قوله: "لا أجهدك اليوم شيئاً" الخ هكذا هو في رواية الجمهور أجهدك بالجيم والهاء، وفي رواية ابن ماهان أحمدك بالحاء المهملة والميم، ووقع في البخاري بالوجهين لكن الأشهر في مسلم بالجيم. وفي البخاري بالحاء ومعنى الجيم لا أشق عليك برد شيء تأخذه أو تطلبه من مالي. والجهد المشقة، ومعناه بالحاء لا أحمدك بترك شيء تحتاج إليه أو تريده، فتكون لفظة الترك محذوفة مرادة كما قال الشاعر:

ليس على طول الحياة تندم

أي فوات طول الحياة- انتهى. وقال الحافظ: في رواية كريمة وأكثر روايات مسلم لا أجهدك بالجيم والهاء

<<  <  ج: ص:  >  >>