للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل)) . متفق عليه.

١٩٠٤ - (٢) وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله

ــ

وفي رواية لصاحبه أي لصاحب المال، والأول أنسب بما قبلها (كما يربي أحدكم فلوه) بفتح الفاء وضم اللام وفتح الواو المشددة المهر، وهو ولد الفرس حين يفلي أي يفطم، وهو حينئذٍ يحتاج إلى تربية غير الأم. وقيل: هو كل فطيم من ذات حافر، والجمع أفلاء كعدو وأعداء، وقال أبوزيد: إذا فتحت الفاء شددت الواو، وإذا كسرتها سكنت اللام كجرو، وضرب به المثل لأنه يزيد زيادة بينة. فإن صاحب النتاج لا يزال يتعاهده ويتولى تربيته، ولأن الصدقة نتاج عمله وأحوج ما يكون النتاج إلى التربية إذا كان فطيماً، فإذا أحسن القيام والعناية به انتهى إلى حد الكمال وكذلك عمل ابن آدم لاسيما الصدقة التي يجاذبها الشح، ويتشبث بها الهوى ويقتفيها الرياء ويكدرها الطبع فلا تكاد تخلص إلى الله إلا موسومة بنقايص لا يجبرها إلا نظر الرحمن. فإذا تصدق العبد من كسب طيب مستعد للقبول فتح دونها باب الرحمة فلا يزال نظر الله يكسبها نعت الكمال ويوفيها حصة الثواب حتى ينتهي بالتضعيف إلى نصاب يقع المناسبة بينه وبين ما قدم من العمل، وقوع المناسبة بين التمرة والجبل كذا قال التوربشتي. (حتى تكون) بالتأنيث أي الصدقة أو ثوابها أو تلك التمرة (مثل الجبل) أي في الثقل وفي رواية لمسلم: حتى تكون أعظم من الجبل، ولابن جرير: حتى يوافي بها يوم القيامة وهي أعظم من أحد يعني التمرة، وهي عند الترمذي بلفظ: حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد. قال الحافظ: والظاهر إن المراد بعظمها إن عينها تعظم لتثقل في الميزان، ويحتمل أن يكون ذلك معبراً به عن ثوابها (متفق عليه) وأخرجه أحمد في عشرة مواضع والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي وأبوعوانة، ورواه مالك عن سعيد بن يسار مرسلاً لم يذكر أباهريرة.

١٩٠٤- قوله: (ما نقصت صدقة) "ما" نافية و "من" في قوله (من مال) زائدة أو تبعيضية أو بيانه أي ما نقصت صدقة مالاً أو بعض مال أو شيئاً من مال، بل تزيد إضعاف ما يعطي منه، بأن ينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية أو بالعطية الجلية في الدنيا أو بالمثوبة العلية المرتبة عليه في الآخرة. (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً) يعني لو ظلم أحد أحداً، ويقدر المظلوم على الانتقام عن الظالم فيعفو عنه يزيد الله عزاه في الدنيا، بسبب هذا العفو. فإن من عرف بالعفو والصفح ساد وعظم في القلوب وزاد عزه وإكرامه. أو المراد يزيد عزه في الآخرة بأن يعظم ثوابة وأجره هناك، أو المراد في الدنيا والآخرة جميعاً (وما تواضع أحد لله) بأن أنزل نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>