ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، فقال أبوبكر: ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة،
ــ
في مثل هذا، وإما لحمله على أنهما واقعتان في المجلسين أنه - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه أولاً بالمناداة من باب واحد، وثانياً بالمناداة من تمام الأبواب فأخبر في كل مجلس بما أوحي إليه، وسأل أبوبكر في المجلس الأول عمن ينادي من تمام الأبواب، وفي المجلس مدح ذلك المنادي على ما اللائق بكل مجلس، وبشره النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجلسين بأن ينادي من تلك الأبواب والله تعالى أعلم بالصواب - انتهى كلام السندي. (ومن كان من أهل الجهاد) أي ممن يغلب عليه الجهاد (ومن كان من أهل الصدقة) أي المكثرين منها (ومن كان من أهل الصيام) أي الذي الغالب عليه الصيام، وإلا فكل المؤمنين أهل للكل (دعي من باب الريان) بفتح الراء وتشديد التحتانية، وزن فعلان. من الري. اسم علم لباب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه، وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه، لأنه مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائمين، لأنهم بتعطيشهم أنفسهم في الدنيا يدخلون من باب الريان ليأمنوا من العطش. قال الحافظ: وقع في الحديث ذكر أربعة أبواب من أبواب الجنة وقد ثبت إن أبواب الجنة ثمانية وبقي من الأركان الحج فله باب بلا شك. وأما الثلاثة الأخرى فمنها، باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس. رواه أحمد بن حنبل عن أشعث عن الحسن مرسلاً: إن لله باباً في الجنة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة. ومنها الباب الأيمن وهو باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب. وأما الثالث فلعله باب الذكر عند الترمذي ما يؤميء إليه، ويحتمل أن يكون باب العلم، ويحتمل أن يكون المراد بالأبواب التي يدعي منها أبواب من داخل أبواب الجنة الأصلية، لأن الأعمال الصالحة أكثر عدداً من ثمانية - انتهى. وقال القاضي: قد جاء ذكر بقية أبواب الجنة الثمانية في حديث آخر في باب التوبة وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وباب الراضين. فهذه سبعة أبواب جاءت في الأحاديث وجاء في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب إنهم يدخلون من الباب الأيمن فلعله باب الثامن - انتهى. وروى الحاكم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن للجنة باباً يقال له باب الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين كانوا يدامون على صلاة الضحى، هذا بابكم فادخلوه برحمة الله، ذكره ابن القيم في زاد المعاد (ج١ ص٩٣)(ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة) بفتح الضاد وكلمة "ما" للنفي و "من" زائدة وهي اسم "ما" أي ليس ضرورة واحتياج على من دعي من باب واحد من تلك الأبواب إن لم يدع من سائرها لحصول