للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم)) .

ــ

المقصود وهو دخول الجنة، وهذا نوع تمهيد قاعدة السؤال في قوله (فهل يدعي أحد من تلك الأبواب كلها) أي سألت عن ذلك بعد معرفتي بأن لا ضرورة ولا احتياج لمن يدعي من باب واحد إلى الدعاء من سائر الأبواب إذ يحصل مراده بدخول الجنة (قال نعم) أي يكون جماعة يدعون من جميع تلك الأبواب تعظيماً وتكريماً لهم لكثرة صلاتهم وجهادهم وصيامهم وغير ذلك من أبواب الخير. قال الحافظ: في الحديث إشعار بقلة من يدعي من تلك الأبواب كلها، وفيه إشارة إلى أن المراد ما يتطوع به من الأعمال المذكورة لا واجباتها، لكثرة من يجتمع له العمل بالواجبات كلها بخلاف التطوعات فقل من يجتمع له العمل بجميع أنواع التطوعات. ثم من يجتمع له ذلك إنما يدعي من جميع الأبواب على سبيل التكريم له، وإلا فدخوله إنما يكون من باب واحد وهو باب العمل الذي يكون أغلب عليه والله أعلم. وأما ما أخرجه مسلم عن عمر من توضأ ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله - الحديث. وفيه فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء فلا ينافي ما تقدم، وإن كان ظاهره إنه يعارضه؛ لأنه يحمل على أنها تفتح له على التكريم ثم عند دخوله لا يدخل إلا من باب العمل الذي يكون أغلب عليه كما تقدم - انتهى. (وأرجو أن تكون منهم) الرجاء من الله ومن نبيه - صلى الله عليه وسلم - واقع محقق ففيه إن الصديق من أهل هذه الأعمال كلها، ووقع في حديث ابن عباس عند ابن حبان في نحو هذا الحديث التصريح بالوقوع لأبي بكر ولفظه: قال أجل وأنت هو يا أبابكر: أي لأنه رضي الله عنه كان جامعاً لهذه الخيرات كلها. أما التعبير بعنوان الرجاء في حديث الباب فقيل: إنه خرج مخرج الأدب مع الله تعالى إذ لا يجب عليه سبحانه شيء وهو سبحانه أكرم من أن يخلف رجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. تنبيه الإنفاق في الصلاة والجهاد والعلم والحج ظاهر. وأما الإنفاق في غيرها فمشكل، ويمكن أن يكون المراد بالإنفاق في الصلاة فيما يتعلق بوسائلها من تحصيل آلاتها من طهارة وتطهير ثوب وبدن ومكان. والإنفاق في الصيام بما يقويه على فعله وخلوص القصد فيه. والإنفاق في العفو عن الناس يمكن أن يقع بترك ما يجب له من حق والإنفاق في التوكل بما ينفقه على نفسه في مرضه المانع له من التصرف في طلب المعاش مع الصبر على المعصية، أو ينفق على من أصابه مثل ذلك طلباً للثواب. والإنفاق في الذكر على نحو من ذلك. وقيل: المراد بالإنفاق في الصلاة والصيام بذل النفس والبدن فيهما فإن العرب تسمى ما يبذله المرأ من نفسه نفقة. كما يقال أنفقت في طلب العلم عمري وبذلت فيه نفسي، وهذا معنى حسن، وأبعد من قال المراد بقوله زوجين النفس والمال لأن المال في الصلاة والصيام ونحوهما ليس بظاهر إلا بالتأويل المتقدم وكذلك من قال النفقة في الصيام تقع بتفطير الصائم والإنفاق عليه، لأن ذلك يرجع إلى باب الصدقة كذا في

<<  <  ج: ص:  >  >>