للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين الإثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل

ــ

الأصابع أو مفصل من المفاصل الثلاثمائة وستين التي في كل أحد. وقيل: هي ما بين كل مفصلين من أصابع الإنسان. وقيل: كل عظم مجوف من صغاراً العظام مثل عظام الأصابع وقيل: كل عظم في البدن واحدة وجمعه سواء. وقيل: جمعه سلاميات وقوله كل سلامي مبتدأ مضاف وقوله (من الناس) أي من كل واحد منهم صفة لسلامي (عليه صدقة) جملة من المبتدأ والخبر خبر للمبتدأ الأول: وقوله عليه مشكل. قال ابن مالك: المعهود في كل إذا أضيف إلى نكرة من خبر وتمييز وغيرهما أن يجيء على وفق المضاف إليه، نحو قوله تعالى {كل نفس ذائقة الموت} [الأنبياء:٣٥] وهنا جاء على وفق كل سلامي عليه صدقة، وكان القياس أن يقول عليها صدقة. لأن السلامي مؤنثة لكن دل مجيئها في هذا الحديث على الجواز، أي جواز مطابقة المضاف، ويحتمل أن يكون ضمن السلامي معنى العظم أو المفصل فأعاد الضمير عليه كذلك. والمعنى على كل مسلم مكلف بعدد كل مفصل من عظامه صدقة لله تعالى على سبيل الشكر له، بأن جعل في عظامه مفاصل يتمكن بها من قبض أصابعه ويديه ورجليه وغير ذلك، وبسطها فإن هذه نعمة عظيمة. فإنه لو جعل أعضاءه بغير مفصل يكون كلوح أو خشب لا يقدر على القبض والبسط والقيام والقعود والاضطجاع. وأوجب الصدقة على السلامي مجازاً، وفي الحقيقة على صاحبها قال الطيبي: ولعل تخصيص السلامي وهي المفاصل من الأصابع بالذكر لما في أعمالها من دقائق الصنائع التي تتحير الأوهام فيها، ولذلك قال تعالى {بلى قادرين على أن نسوي بنانه} [القيامة:٤] أي نجعل أصابع يديه ورجليه مستوية شيئاً واحداً، كخف البعير وحافر الحمار، فلا يمكن أن يعمل بها شيئاً مما يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل من فنون الأعمال دقتها وجلها، ولهذا السر غلب الصغار من العظام على الكبار-انتهى. (كل يوم) بالنصب على الظرفية أي في كل يوم (تطلع فيه الشمس) على صاحب السلامي وهي صفة تخصص اليوم عن مطلق الوقت بمعنى النهار. وقال السندي: وصف اليوم بذلك لإفادة التنصيص كما قالوا في قوله تعالى {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه} [الأنعام:٣٨] والحاصل إن الشيء إذا وصف بوصف يعم جميع أفراده يصير نصاً في التعميم. قال المنادي: وليس المراد هنا بالصدقة المالية فقط، بل كنى بها عن نوافل الطاعة كما يفيده قوله (يعدل) فأعله الشخص المسلم المكلف وهو في تأويل المصدر مبتدأ خبره صدقة، تقديره أن يعدل مثل قوله تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. وقد قال تعالى {ومن آيته يريكم البرق} [الروم:٢٤] (بين الإثنين) متحاكمين أو متخاصمين أو متهاجرين. وقيل: يعدل بين الإثنين أي يصلح بينهما بالعدل (صدقة) أي أجره كأجر الصدقة (ويعين) المسلم المكلف (الرجل) أي يساعده (على دابته) أي دابة الرجل أو المعين (فيحمل)

<<  <  ج: ص:  >  >>