للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيمسك عن الشر، فإنه له صدقة)) . متفق عليه.

١٩١٢- (١٠) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل سلامي

ــ

وزاد أبوداود الطيالسي في مسنده وينهى عن المنكر (فيمسك عن الشر) وفي رواية فليمسك أي نفسه أو الناس (فإنه) أي الإمساك عن الشر (له) أي للمسك (صدقة) أي على نفسه لأنه إذا أمسك عن الشر لله تعالى كان له أجر على ذلك كالتصدق بالمال. وحاصل الحديث إن الشفقة على خلق الله متأكدة وهي إما بمال حاصل، وهو الشق الأول: أو بمقدور التحصيل. وهو الثاني: أو بغير مال وهو إما فعل وهو الإعانة والإغاثة أو ترك وهو الإمساك عن الشر. لكن قال الزين بن المنير: إن حصول ذلك للمسك إنما يكون مع نية القربة به بخلاف محض الترك، وقضية الحديث ترتيب الأمور الأربعة وليس مراداً، وإنما هو للتسهيل على من عجز عن واحد منها، وإلا فمن أمكنه فعل جميعها أو عدد منها معاً فليفعل. ومقصود الحديث إن إعمال الخير تنزل منزل الصدقات في الأجر ولاسيما في حق من لا يقدر عليها ويفهم منه إن الصدقة في حق القادر عليها أفضل من الأعمال القاصرة. وقال ابن أبي جمرة: ترتيب هذا الحديث إنه ندب إلى الصدقة وعند العجز عنها ندب إلى ما يقرب منها، أو يقوم مقامها وهو العمل ولانتفاع، وعند العجز عن ذلك ندب إلى ما يقوم مقامه وهو الإغاثة، وعند عدم ذلك ندب إلى فعل المعروف أي من سوى ما تقدم كإماطة الأذى، وعند عدم ذلك ندب إلى الصلاة فإن لم يطق فترك الشر وذلك آخر المراتب. قال: ومعنى "الشر" هنا ما منعه الشرع ففيه تسلية للعاجز عن فعل المندوبات إذا كان عجزه عن ذلك عن غير إختيار. قال الحافظ: وأشار بالصلاة إلى ما وقع آخر حديث أبي ذر عند مسلم ويجزى عن ذلك كله ركعتا الضحى، وهو يؤيد ما قدمناه إن هذه الصدقة لا يكمل منها ما يختل من الفرض، لأن الزكاة لا تكمل الصلاة ولا العكس. فدل على افتراق الصدقتين، واستشكل الحديث مع ما تقدم ذكر الأمر بالمعروف وهو من فروض الكفاية فكيف تجزيء عنه صلاة الضحى وهي من التطوعات، والذي يظهر في الجواب أن المراد إن صلاة الضحى تقوم مقام الثلثمائة وستين حسنة التي يستحب للمرأ أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التي هي بعددها، لا إن المراد إن صلاة الضحى تغنى عن الأمر بالمعروف وما ذكر معه وإنما كان كذلك لأن الصلاة عمل بجميع الجسد فتتحرك المفاصل كلها فيها بالعبادة، وكأن صلاة الضحى خصت بالذكر لكونها أول تطوعات النهار بعد الفرض وراتبته. وقد أشار في حديث أبي ذر، وكذا في حديثي أبي هريرة وعائشة الآتيين إلى أن صدقة السلامي نهارية (متفق عليه) أخرجه البخاري في الزكاة وفي الأدب، ومسلم في الزكاة وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤:ص٣٩٥-٤١١) والنسائي في الزكاة والبيهقي فيه (ج٤:ص١٨٨) .

١٩١٢- قوله: (كل سلامي) بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم مقصوراً، أي أنملة من أنامل

<<  <  ج: ص:  >  >>