١٧٤- (٣٥) وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اتبعوا السواد الأعظم، فإنه من شذ شذ في النار)) . رواه ابن ماجه من حديث أنس.
ــ
فلا تصح دعواه عندنا، فإنه متعذر بل ممتنع لعدم إمكان العلم به. ولذا قال الإمام أحمد: من ادعى الإجماع فهو كاذب. وأما الإجماع الجزئي فخارج عن البحث، وارجع للتفصيل إلى كتب الأصول للمذاهب الأربعة، وإرشاد الفحول للعلامة الشوكاني، وروضة الناظر مع شرحها نزهة الخواطر لابن قدامة المقدسي.
١٧٤- قوله:(اتبعوا السواد)"السواد" في اللغة العدد الكثير، وسواد الناس عامتهم (الأعظم) أي جملة الناس، ومعظمهم الذين يجتمعون على طاعة الإمام أي السلطان الأعظم، وسلوك النهج المستقيم. وقيل: المراد "بالسواد الأعظم" من كان على ما عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من أهل الحديث، وهم الطائفة المنصورون، الظاهرون على الحق، المعظمون عند الله، المذكورون في قوله:((لاتزال طائفة من أمتي)) الحديث. قال في الأزهار: اتبعوا السواد الأعظم يدل على أن أعاظم الناس العلماء وإن قل عددهم، ولم يقل: الأكثر.؛ لأن العوام والجهال أكثر عددا (فإنه) الضمير للشأن (من شذ) أي نفر عن السواد الأعظم بخروجه على الإمام الذي اجتمع على طاعته معظم الناس، أو انفرد عن الجماعة الحقة الناجية، الكائنة على ما هو عليه وأصحابه - صلى الله عليه وسلم -. (رواه ابن ماجه من حديث أنس) كذا في جميع طبعات الهند من المشكاة. قال الشيخ الألباني قوله:"رواه ابن ماجه من حديث أنس"، كذا في الأصل أي النسخة المطبوعة في الهند، وفي جميع النسخ أي المخطوطة الثلاث، وهي نسخة حاكم قطر، ونسخة مكتبة دمشق، ونسخة حلب، بياض. ويظهر أن المؤلف تعمد تركه؛ لأنه لم يجد من أخرجه كما أشار إليه في مقدمة الكتاب، وكذلك لم أجده في شيء من كتب السنة المعروفة حتى الأمالي والفوائد والأجزاء التي مررت عليها وهي تبلغ المئات، ولا أورده السيوطي في الجامع الكبير. وأما قول القاري: بعده بياض، وألحق ميرك شاه "ابن ماجه" ففي هذا الإلحاق نظر؛ لأن ابن ماجه وإن رواه عن أنس فهو بلفظ:((إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم)) . وكذا ابن بطة في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية"(ق١٤٥/٢) وسنده ضعيف جداً، ومن ذلك يتبين أن ما في الأصل كأنه إضافة نقلاً عن ميرك شاه – انتهى. قلت: قال البوصيرى في زوائد ابن ماجه: في إسناد حديث أنس، أو خلف الأعمى واسمه حازم بن عطاء وهو ضعيف، وقد جاء الحديث بطرق، في كلها نظر، قاله شيخنا في تخريج أحاديث البيضاوي- انتهى. قلت أخرج الحاكم (ج١:ص١١٥) وابن جرير كما في الكنز (ج١:ص٥٣) وذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (ص١٢٨) بغير سند عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبداً، وقال: يدالله على الجماعة فاتبعوا السواد الأعظم، فإنه من شذ شذ في النار)) . قال الحاكم: لو حفظ خالد بن يزيد القرني هذا الحديث لحكمنا له بالصحة، ثم بسط الاختلاف في سنده ومتنه، وعلى ذلك فكان ينبغي أن يلحق "الحاكم في المستدرك".