حراً ولا عبداً ولا بعيراً ولا شأة، قال: ولا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك، فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه)) . رواه أبوداود، وروى الترمذي منه حديث السلام. وفي رواية: فيكون لك أجر ذلك ووباله عليه.
ــ
(حراً ولا عبداً ولا بعيراً ولا شأة) أي لا إنساناً ولا حيواناً (وإن تكلم أخاك) قيل: أي وكلم أخاك تكليماً فحذف الفعل العامل، وأضيف المصدر إلى الفاعل أي تكليمك أخاك ثم وضع الفعل، مع أن موضع المصدر وهو معطوف على النهي كذا في الشرح، وهو تكلف ذكره الطيبي. وقال غيره: قوله "وإن تكلم أخاك" إما عطف على شيء وإن ذلك من المعروف مستأنف علة له، أو مبتدأ وإن ذلك خبره (وأنت منبسط إليه وجهك) بالرفع على أنه فاعل منبسط والجملة حال (إن ذلك) بكسر الهمزة على الاستئناف التغليبي، وفي بعض النسخ بفتحها للعلة. والمعنى إن ما ذكر من التكليم مع انبساط الوجه وطلاقته (من) جملة (المعروف) وفي رواية لأحمد ولا تحقرن من المعروف شيئاً ولو إن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط (فإن أبيت) رفع إزارك إلى نصف الساق (فإلى الكعبين) أي فأرفعه إليهما ولا تتجاوز عنهما (وإياك وإسبال الإزار) أي اجتنب وأحذر إرسال الإزار وإرخاءه نازلاً عن الكعبين (فإنها) أي أي هذه الفعلة أو الخصلة التي هي تسبيل الإزار (من المخيلة) بفتح الميم وكسر الخاء وسكون الياء من الاختيال، وهو الكبر واستحقار الناس (وإن امرأ شتمك) أي سبك (وعيرك) أي وبخك عيبك (بما يعلم فيك) أي لأمك وعذلك لما يعلم فيك من عيبك (فلا تعيره بما تعلم فيه) أي فضلاً عما لا تعلم فيه (فإنما وبال ذلك) أي آثم ما ذكر من الشتم والتعيير (عليه) أي على ذلك المرء ولا يضرك شيء وفي رواية لأحمد فإن أجر ذلك لك ووباله عليه (رواه أبوداود) في اللباس (وروى الترمذي) في الاستئذان (منه) أي من الحديث (حديث السلام) أي صدر الحديث وهو ما يتعلق بالسلام (وفي رواية فيكون لك أجر ذلك ووباله عليه) لم أقف على هذه الرواية وروى أحمد بنحوها، والحديث أخرجه أحمد (ج٣ ص٤٨٢- ٤٨٣)(وج٥ ص٦٣- ٦٤) وابن حبان في صحيحه، وابن عبد البر في الاستيعاب مطولاً، والنسائي في الكبرى مختصراً وسكت عنه أبوداود وصححه الترمذي، والنووي، ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره.