قل: السلام عليك. قلت: أنت رسول الله، فقال: أنا رسول الله، الذي إن أصابك ضر فدعوته كشفه عنك. وإن أصابك عام سنة، فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك. قلت: أعهد إلي. قال: لا تسبن أحداً. قال: فما سببت بعده
ــ
المبتدي عليك السلام، ثم ذكر ابن القيم حديث أبي جرى هذا. ثم قال: وقد أشكل هذا الحديث على طائفة وظنوه معارضاً لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في السلام على الأموات بلفظ: السلام عليكم بتقديم السلام فظنوا إن قوله فإن عليك السلام تحية الموتى إخبار عن المشروع وغلطوا في ذلك غلطاً أوجب لهم ذلك ظن التعارض، وإنما معنى قوله فإن عليك السلام تحية الموتى إخبار عن الواقع لا المشروع أي إن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة كقول قائلهم:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
فما كان هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما
فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحي بتحية الأموات ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم، وكان يرد على المسلم، وعليك السلام بالواو. وبتقديم عليك على لفظ السلام - انتهى. قال شيخنا في شرح الترمذي: في قوله ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم نظر. فإنه قد وقع في رواية الترمذي، ثم رد على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وعليك ورحمة الله انتهى. (الذي) صفة لله تعالى يدل عليه رواية أحمد قلت: يا رسول الله! إلى ما تدعو قال أدعو إلى الله وحده الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك، والذي إن ضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت عليك (إن أصابك) وفي أبي داود الذي إذا أصابك (ضر) بضم الضاد ويفتح (فدعوته) بصيغة الخطاب (كشفه عنك) أي دفع ذلك الضر وإزالة عنك (عام سنة) أي قحط وجدب. قال المنذري: السنة هي العام المقحط الذي لم تنبت فيه الأرض شيئاً، سواء نزل غيث، أو لم ينزل (أنبتها لك) أي صيرها ذات نبات لك أي بدلها خصباً (بأرض قفر) قال القاري: وفي نسخة بالإضافة والقفر بفتح القاف وسكون الفاء، أي خالية عن الشجر، والماء. قال أهل اللغة القفر الخلاء من الأرض لا ماء فيه ولا ناس ولا كلأ يقال: أرض قَفر وأرض قِفار (أو فلاة) بفتح الفاء وهي المفازة والصحراء الواسعة، وأو للشك. وقيل: للتنويع على أن المراد بالقفر المفازة المهلكة، وبالفلاة المفازة الخطرة (فضلت راحلتك) أي غابت عنك (أعهد إلي) بفتح الهاء أي أوصني بما ينفعني (لا تسبن أحداً) بضم السين أي لا تشمته (فما سبب بعده) أي بعد عهده أحداً