١٩٣٥- (٣٣) وعن أبي جرى جابر بن سليم، قال:((أتيت المدينة، فرأيت رجلاً يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئاً إلا صدوراً عنه. قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله. قال: قلت: عليك السلام يا رسول الله! مرتين. قال لا تقل عليك السلام. عليك السلام تحية الميت،
ــ
(رواه الترمذي) في البر والصلة. وقال: هذا حديث صحيح غريب. وأخرجه أيضاً أحمد وابن حبان في صحيحه، والبغوي في شرح السنة، وفي الباب عن النعمان بن بشير عند أحمد (ج٤ ص٢٧٢) بلفظ: من منح منيحة ورقاً أو ذهباً أو سقي لبناً أو أهدى زقاقاً فهو كعدل رقبة.
١٩٣٥- قوله:(وعن أبي جرى) بضم الجيم وفتح الراء وتشديد الياء (جابر بن سليم) بالتصغير. ويقال: سليم بن جابر الهجيمي بالتصغير التميمي من بلهجيم ابن عمرو بن تميم صحابي معروف، روى عنه جماعة. منهم أبوتميمة الهجيمى ومحمد بن سيرين. قال الحافظ: قال البخاري جابر بن سليم أصح، وكذا ذكر البغوي والترمذي وابن حبان وغيرهم (يصدر الناس) أي يرجعون (عن رأية) يعني يعملون بقوله ورأيه والصدور الرجوع عن المنهل بعد الري قال الطيبي وغيره: أي ينصرفون عما رآه ويستصوبونه شبه المنصرفين عن حضرته بعد توجههم إليه ليسألوا عن مصالح معادهم ومعاشهم وأمور دينهم. واغترافهم من بحار علمه وفضله بالصادرين عن ورودهم على المنهل وارتوائهم (لا يقول شيئاً إلا صدرواً عنه) أي يأخذون منه كل ما حكم به ويقبلون حكمه وقوله (لا تقل عليك السلام) أي ابتداء وهو نهي تنزيه قاله القاري (عليك السلام) في أبي داود فإن عليك السلام (تحية الميت) أي في زمان الجاهلية. قال الخطابي: هذا يوهم إن السنة في تحية الميت أن يقال له عليك السلام كما يفعله كثير من العامة. وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه دخل المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، فقدم الدعاء على اسم المدعو له كهو في تحية الإحياء، وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة، منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء، وهو مذكور في إشعارهم كقول الشاعر:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته إن شاء أن يترحما
وكقول الشماخ:
عليك سلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
والسنة لا تختلف في تحية الإحياء والأموات بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه والله أعلم- انتهى. وقال ابن القيم في زاد المعاد: وكان هديه في ابتداء السلام، أن يقول السلام عليكم ورحمة الله وكان يكره أن يقول