للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٨- (٣٩) وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أكل طيباً، وعمل في سنة، وأمن الناس بوائقه، دخل الجنة. فقال رجل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن هذا اليوم لكثير في الناس. قال: وسيكون في قرون بعدي)) رواه الترمذي.

١٧٩- (٤٠) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به

ــ

١٧٨- قوله: (من أكل طيباً) أي حلالاً يعني من كان قوته حلالاً (وعمل في سنة) أي في موافقة سنة، يعني يكون متمسكاً في كل عمل بسنة، أي بحديث جاء في ذلك العمل. قال الطيبي: "سنة" نكرة وضعت موضع المعرفة لإرادة استغراق الجنس بحسب إفراده كما في قوله تعالى: ((ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام} [٢٧:٣١] . وقد أكل الحلال لأنه مورث للعمل الصالح، كما قال تعالى: {كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} [٢٣: ٥١] . (وأمن الناس بوائقه) البائقة الداهية، وهي المحنة العظيمة، والمراد هنا الشرور كالظلم والغش والإيذاء. (دخل الجنة) أي استحق دخولها دخولاً أولياً أي مع السابقين، أو بغير عذاب، وإلا فمن فم يعمل بالسنة ومات مسلماً يدخلها وإن عذب. (إن هذا) أي الرجل الموصوف المذكور (اليوم) ظرف مقدم لخبر "إن" (لكثير في الناس) بحمد الله، فما حال المستقبل؟ (وسيكون) أي هم كثيرون اليوم، وسيوجد من يكون بهذه الصفة (في قرون بعدي) قال التوربشتي: يحتمل أن الرجل قال ذلك حمداً لله تعالى وتحديثاً بنعمته، أي لا استفهاماً عن المستقبل، فقال"سيكون" في قرون بعدي، ليوقفه على أن ذلك غير مختص بالقرن الأول أي بهذا القرن. ويحتمل أنه فهم من قوله: "من أكل طيبا" الخ. التحريض على الخصال المذكورة، والزجر عن أضدادها، ووجد الناس يتدينون بذلك ويحرضون عليه، فخاف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلع على خلاف ذلك في مستقبل الأمر منهم، فأحب أن يستكشف عنه، فقال هذا القول، فعرف - صلى الله عليه وسلم - منه ذلك، فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "وسيكون في قرون بعدي" باختصر الكلام اعتماداً على فهم السامع، وتهويلاً للأمر المحذور عنه - انتهى. وقال صاحب اللمعات: معناه لا ينقطع الخيرعن أمتي قطعاً وإن تفاوتت الحال قلة وكثرة، فتنكير "قرون" للتقليل، ويحتمل التكثير لكثرته في نفسه، ويشبه أن يكون المراد القرون الموسومة بخير القرون، ولكن هذه الصفات ليست مخصوصة بهم- انتهى. (رواه الترمذي) في آخر الزهد، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل، أي ابن موسى، عن هلال بن مقلاص، عن أبي بشر، عن أبي وائل، وعن أبي سعيد- انتهى. وأبوبشر هذا مجهول، قاله الحافظ في التقريب. والحديث أخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وغيره، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

١٧٩- قوله: (إنكم) أيها الصحابة (في زمان) أي متصف بعزة الإسلام وأمن أهله. (من ترك منكم) أي فيه، وهو الرابط لجملة الشرط بموصوفها وهو "زمان"، (عشر ما أمربه) أي من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>