ولا تخبره من نحن. قالت: فدخل بلال على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من هما؟ قال: امرأة من الأنصار وزينب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الزيانب؟ قال امرأة عبد الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لهما أجران أجر القرابة، وأجر الصدقة)) .
ــ
يقال فلان في حجر فلان أي في كنفه ومنعه، والمعنى في تربيتهما. وفي رواية الطيالسي أنهم بنو أخيها وبنو أختها (ولا تخبره) بجزم الراء (من نحن) أي لا تعين اسمنا بل قل تسألك امرأتان إرادة الإخفاء مبالغة في نفي الرياء أو رعاية للأفضل، وهذا أيضاً يصلح أن يكون وجهاً لعدم دخولهما. وقيل: المعنى لا تخبره أي بلا سؤال وإلا فعند السؤال يجب الإخبار فلا يمكن المنع عنه ولذلك أخبر بلال بعد السؤال (من هما) أي المرأتان (قال) أي بلال مخبراً عنهما ومعيناً لإحداهما لوجوبه عليه بطلب الرسول، واستخباره عليه الصلاة والسلام (امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الزيانب) أي أي زينب منهن فعرف باللام مع كونه علماً لما نكر حتى جمع. قال ابن الملك: وإنما لم يقل آية لأنه يجوز التذكير والتأنيث. قال الله تعالى:{وما تدري نفس بأي أرض تموت}[لقمان:٣٤] انتهى. (قال) بلال زينب (امرأة عبد الله) بن مسعود ولم يذكر بلال في الجواب معها زينب امرأة أبي مسعود الأنصاري اكتفاء باسم من هي أكبر وأعظم (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) نعم يجزيْ عنهما (لهما) أي لكل منهما (أجران أجر القرابة) أي أجر، وصلها (وأجر الصدقة) أي أجر منفعة الصدقة وهذا ظاهره إن زينب امرأة عبد الله لم تشافهه بالسؤال ولا شافهها بالجواب، وحديث أبي سعيد عند البخاري في باب الزكاة على الأقارب يدل على أنها شافهته وشافهها لقولها فيه يا نبي الله!! إنك أمرت، وقوله فيه صدق زوجك. فقيل: تحمل هذه المراجعة على المجاز، وإنما كانت على لسان بلال، ويحتمل أن تكونا قضيتين إحداهما في سؤالهما عن تصدقها بحيلها على زوجها وولده، والأخرى في سؤالها عن النفقة واستدل بهذا الحديث على جواز دفع المرأة زكاتها إلى زوجها وهو قول الشافعي والثوري وصاحبي أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وعن أحمد، ومنعه أبوحنيفة ومالك وأحمد في رواية. والحديث إنما يتم دليلاً للقول الأول بعد تسليم إن هذه الصدقة صدقة واجبة. وبذلك جزم المازري، ويؤيد ذلك قولها أيجزئ عني، وعليه يدل تبويب البخاري بلفظ: باب الزكاة على الزوج والأيتام وقد تعقب القاضي عياض المازري بأن قوله ولو من حليكن، وقوله فيما ورد في بعض الروايات عند الطحاوي وغيره إنها كانت امرأة صنعاء اليدين فكانت تنفق عليه وعلى ولده، يدلان على أنها صدقة