تطوع، وبه جزم النووي وغيره وتألوا قوله أيجزئ عني أي في الوقاية من النار كأنها خافت إن صدقتها على زوجها لا تحصل لها المقصود. قال ابن الهمام: الأجزاء وإن كان في عرف الفقهاء الحادث لا يستعمل غالباً إلا في الواجب لكن كان في ألفاظهم لما هو أعم من النفل لأنه لغة الكفاية فالمعنى، هل يكفي التصدق عليه في تحقيق مسمى الصدقة، وتحقيق مقصودها من التقرب إلى الله تعالى. واحتجوا أيضاً على أنها صدقة تطوع بما في البخاري من حديث أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: لها زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم. قالوا: لأن الولد لا يعطي من الزكاة الواجبة بالإجماع كما نقله ابن المنذر وغيره فعلم أنها صدقة تطوع وتعقب هذا بأن الذي يمتنع إعطاءه من الصدقة الواجبة من تلزم المعطى نفقته والأم لا يلزمها نفقة ابنها مع وجود أبيه. وبأن قوله وولدك محمول على أن الإضافة للتربية لا للولادة فكأنه ولدها من غيرها كما يشعر به ما وقع في رواية أخرى على زوجها وأيتام في حجرها وسموا أيتاماً، باعتبار اليتم من الأم وأجيب عن الأول بأن الأم يلزمها نفقة ولدها إذا كان أبوه فقيراً عاجزاً عن التكسب جداً عند الحنفية، وعن الثاني بأنه خلاف الظاهر وأما الرواية الأخرى فالظاهر إنها قضية أخرى كما تقدم واحتج لأبي حنيفة على منع إعطاءها زكاتها لزوجها بأنها تعود إليها بالنفقة فكأنها ما خرجت عنها ورُدَّ هذا بأنه يلزمه منع صرفها صدقة التطوع في زوجها الاحتمال الرجوع مع أنه يجوز صرفها فيه اتفاقاً. والظاهر عندي أنه يجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها لدخول الزوج في عموم الأصناف المسلمين في الزكاة، وليس في المنع نص، ولا إجماع ولا قياس صحيح. قال الشوكاني: الظاهر أنه يجوز صرف زكاتها إلى زوجها. وأما أولاً، فلعدم المانع من ذلك ومن قال أنه لا يجوز فعليه الدليل. وأما ثانياً، فلأن ترك استفصاله - صلى الله عليه وسلم - لها ينزل منزلة العموم فلما لم يستفصلها عن الصدقة هل هي تطوع أو واجب، فكأنه قال يجزئ عنك فرضاً كان أو تطوعاً- انتهى. وهكذا ذكر الحافظ في الفتح. ثم قال: وأما ولدها فليس في الحديث تصريح بأنها تعطي ولدها من زكاتها بل معناه إنها إذا أعطت زوجها فأنفقه على ولدها كانوا أحق من الأجانب فالإجزاء يقع بالإعطاء للزوج، والوصول إلى الولد بعد بلوغ الزكاة محلها- انتهى. وأما الزوج فاتفقوا على أنه لا يجوز له صرف صدقة واجبة في زوجته. قالوا: لأن نفقتها واجبة عليه فتستغني بها عن الزكاة ذكره ابن المنذر كما في المغني والفتح. قال الأمير اليماني: وعندي فيه توقف لأن غنى المرأة بوجوب النفقة على زوجها لا يصيرها غنية الغني الذي يمنع من الزكاة لها- انتهى. وقوله وولدك في حديث أبي سعيد يدل على أجزاء الزكاة في الولد إلا أنه أدعي ابن المنذر الإجماع على عدم جواز صرفها إلى الولد. وحملوا الحديث على أنه في غير الواجبة أو إن الصرف إلى الزوج وهو المنفق على الأولاد أو أنهم لم يكونوا منها من غيرها، والإضافة إليها للتربية (متفق عليه) أخرجاه في الزكاة وأخرجه