للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل هم قوم خصمون} )) روه أحمد، والترمذي، وابن ماجه.

١٨١- (٤٢) وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار {رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم} )) .

ــ

فإن كان في النار فلتكن آلهتنا معه، والجواب عن هذه الشبه بوجهين: الأول: أن "ما" لغير ذوي العقول فالإشكال نشأ عن الجهل بالعربية. والثاني: أن عيسى والملائكة خصوا عن هذا بقوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [١٠١:٢١] . (بل هم) أي الكفار (قوم خصمون) أي كثير الخصومة. (رواه أحمد) (ج٥:ص٢٥٢، ٢٥٦) ، (والترمذي) في تفسير سورة الزخرف، وقال: حديث حسن صحيح، (وابن ماجه) في السنة، وأخرجه أيضاً الحاكم (ج٢: ص٢٤٨) وصححه، ووافقه الذهبي وابن جرير والطبراني والبيهقي وغيرهم.

١٨١-قوله (لا تشددوا على أنفسكم) أي بالأعمال الشاقة كصوم الدهر، وإحياء الليل كله، واعتزال النساء لئلا تضعفوا عن العبادة، وأداء الحقوق والفرائض. (فيشدد الله عليكم) بالنصب جواب النهي، أي يفرضها عليكم فتقعوا في الشدة، أو بأن يفوت عليكم بعض ما وجب عليكم بسبب ضعفكم من تحمل المشاق، وقيل: المعنى لا تشددوا على أنفسكم بإيجاب العبادات الشاقة على سبيل النذر أو اليمين فيشدد الله عليكم، فيوجب عليكم بإيجابكم على أنفسكم، فتضعفوا عن القيام بحقه, وتملوا وتكسلوا، وتتركوا العمل فتقعوا في عذاب الله. (فإن قوماً) أي من بني إسرائيل (شددوا على أنفسهم) بالعبادات الشاقة، والرياضات الصعبة، والمجاهدات التامة (فشددالله عليهم) بإتمامها والقيام بحقوقها. (فتلك) إشارة إلى ما في الذهن من تصور جماعة باقية من ذلك المشددين (بقاياهم) أي بقايا قوم شددوا على أنفسهم (في الصوامع) جمع صومعة بفتح الصاد والميم، وهي موضع عبادة الرهبان من النصارى. (والديار) جمع الدير بفتح الدال، وهو الكنيسة وهي معبد اليهود. (رهبانية) منصوب بفعل يفسره ما بعده، أي ابتدعوا رهبانية (ابتدعوها) أي أحدثوها من عند أنفسهم من غير أن تفرض عليهم أو تسن، والرهبانية بفتح الراء، وهي المبالغة في العبادة والرياضة، والإنقطاع عن الناس، منسوبة إلى الرهبان، وهو المبالغ في الخوف من الرهب، كالخشيان من خشي، وقرئت بالضم كأنها منسوبة إلى الرهبان جمع راهب، كركبان وراكب، وذلك لأنهم غلوا في العبادة، وحملوا على أنفسهم المشقات في الإمتناع من المطعم، والمشرب والمنكح والملبس، وتعلقوا بالكهوف والصوامع والغيران والديرة؛ لأن ملوكهم غيروا وبدلوا، وبقي منهم نفر قليل فترهبوا وتبتلوا {ما كتبناها عليهم} أي ما فرضنا تلك الرهبانية عليهم وهي صفة ثانية لرهبانية، أو مستأنفة مقررة لكونها مبتدعة من عند أنفسهم، والاقتصار على هذا يدل على

<<  <  ج: ص:  >  >>