وفي رواية:((لا تعد في صدقتك، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئة)) . متفق عليه.
١٩٧٥- (٢) عن بريدة، قال: كنت جاساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتته امرأة، فقالت: يا رسول الله! إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت. قال:((وجب أجرك، وردها عليك الميراث.
ــ
قيئة - انتهى. وجزم بعضهم بالمحرمة: قال قتادة: لا نعلم القيء إلا حراماً. قال القسطلاني: والصحيح إنه للتنزيه؛ لأن فعل الكلب لا يوصف بتحريم إذا لا تكليف عليه فالمراد التنفير من العود بتشبيه بهذا المستقذر - انتهى. قلت: القول الراجح عندي هو ما ذهب إليه بعض العلماء من تحريم الرجوع في الصدقة، لأن الحديث ظاهر في التحريم، والتأويل المذكور بعيد جداً منافر لسياق الحديث. لاسيما الرواية الثانية وعرف الشرع في مثل هذه العبارة الزجر الشديد كما ورد النهي في الصلاة عن إقعاء الكلب ونقر الغراب والتفات الثعلب ونحو ذلك ولا يفهم من المقام إلا التحريم والتأويل البعيد مما لا يلتفت إليه (وفي رواية لا تعد في صدقتك فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئة) الفاء للتعليل أي كما يقبح أن يقيء ثم يأكل كذلك يقبح أن يتصدق بشيء ثم يجره إلى نفسه. قال الحافظ: استدل به على تحريم ذلك؛ لأن القيء حرام. قال القرطبي: وهذا هو الظاهر من سياق الحديث ويحتمل أن يكون التشبيه للتنفير خاصة لكون القيء مما يستقذر وهو قول الأكثر. وقال في موضع آخر: حمل الجمهور هذا النهي في صورة الشراء على التنزيه، وحمله قوم على التحريم. قال القرطبي وغيره: وهو الظاهر ثم الزجر المذكور مخصوص بالصورة المذكورة وما أشبهها لا ما إذا رده إليه الميراث مثلاً كما سيأتي (متفق عليه) ظاهره إن الروايتين عند الشيخين وليس الأمر كذلك فإن الرواية الثانية من أفراد البخاري لم يخرجها مسلم، والحديث أخرجه البخاري في الزكاة والهبة والجهاد، ومسلم في الهبة وأخرجه أيضاً أحمد (ج١ ص٢٥، ٣٧، ٤٠، ٥٤) ومالك والترمذي والنسائي في الزكاة، وابن ماجه في الهبة كلهم من حديث زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر وأخرج هذه القصة الجماعة من حديث ابن عمر أيضاً.
١٩٧٥- قوله:(إذا أتته امرأة) لم يعرف اسمها (تصدقت على أمي بجارية) أي ملكتها لها صدقة (وإنها) أي أمي (ماتت) وتركت تلك الجارية فهل أخذها وتعود في ملكي بالميراث، أم لا؟ (وجب أجرك) أي ثبت أجرك عند الله بالصلة (وردها) أي الجارية (عليك الميراث) أي رجع عليك بسبب لا دخل لك فيه فلا يكون سبباً لنقصان الأجر في الصدقة. وقال القاري: النسبة مجازية أي ردها الله عليك بالميراث وصارت الجارية ملكاً بالإرث وعادت لك بالوجه الحلال، والمعنى إن ليس هذا من باب العود في الصدقة، لأنه ليس أمراً اختيارياً. قال النووي: في الحديث إن من تصدق بشيء ثم ورثه لم يكره له أخذه والتصرف فيه بخلاف ما إذا