للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين.

ــ

وقال الله للجنة أنت رحمتي أرحم من أشاء من عبادي - الحديث. وقال التوربشتي: كلا الروايتين متقاربان في المعنى (وفي رواية فتحت أبواب الجنة) أي حقيقة لمن مات في رمضان أو عمل عملاً لا يفسد عليه أو مجازاً؛ لأن العمل فيه يؤدي إلى ذلك أو لكثرة الثواب والمغفرة والرحمة، بدليل رواية أبواب الرحمة، قال السندي: قوله: فتحت أبواب الجنة أي تقريباً للرحمة إلى العباد ولهذا جاء في بعض الروايات أبواب الرحمة، وفي بعضها أبواب السماء، وهذا يدل على أن أبواب الجنة كانت مغلقة ولا ينافيه قوله تعالى: {جنات عدن} [الرعد:٢٣] مفتحة لهم الأبواب إذ ذلك لا يقتضى دوام كونها مفتحة (وغلقت) بالشديد أكثر قاله القاري (أبواب جهنم) حقيقة أو مجازاً نظير ما مر. وقال السندي: أي تبعيداً للعقاب عن العباد، وهذا يقتضي إن أبواب النار كانت مفتوحة ولا ينافيه قوله تعالى: {حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها} [الزمر:٧١] لجواز أن يكون هناك غلق قبيل ذلك، وغلق أبواب النار لا ينافي موت الكفرة في رمضان وتعذيبهم بالنار فيه، إذ يكفي في تعذيبهم فتح باب صغير من القبر إلى النار غير الأبواب المعهودة الكبار - انتهى. (وسلسلت الشياطين) أي شدت بالسلاسل حقيقة، والمراد مسترقوا السمع منهم أو هو مجاز على العموم أي يقل إغواءهم فيصيرون كالمسلسلين أو المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم كما سيأتي قال الحافظ. قال عياض: يحتمل أنه (أي تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وسلسلة الشياطين) على ظاهره وحقيقته وإن ذلك كله علامة الملائكة لدخول الشهر وتعظيم لحرمته ولمنع الشياطين من إيذاء المؤمنين، ويحتمل أن يكون المراد المجاز ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، وإن الشياطين يقل إغواءهم وإيذاءهم فيصيرون كالمصفدين ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء ولناس دون ناس. قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية عند مسلم: فتحت أبواب الرحمة، وجاء في حديث صفدت مردة الشياطين. قال ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفحته الله لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموماً، وذلك أسباب لدخول الجنة وأبواب لها، وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات. قال الزين بن المنير: والأول أوجه ولا ضرورة تدعوا إلى صرف اللفظ عن ظاهره. وأما الرواية التي فيها أبواب الرحمة وأبواب السماء فمن تصرف الرواة، والأصل أبواب الجنة بدليل ما يقابله وهو غلق أبواب النار. وجزم التوربشتي شارح المصابيح بالاحتمال الأخير، وعبارته فتح أبواب السماء كناية عن تنزيل الرحمة وإزالة الغلق عن مصاعد أعمال العباد تارة ببذل التوفيق، وأخرى بحسن القبول والمن عليهم بتضعيف الثواب وغلق أبواب جهنم كناية عن تنزه أنفس الصوام عن رجس الفواحش، والتخلص

<<  <  ج: ص:  >  >>