١٩٨٥- (١٠) وعن سلمان الفارسي، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر من شعبان فقال: ((يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليلة تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن،
ــ
١٩٨٥- قوله: (الفارسي) بكسر الراء (خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يحتمل خطبة الجمعة وخطبة الموعظة (فقال) أي بعد أن حمد الله وأثنى عليه كما هو المعهود من حاله في خطبة وكأن سلمان حذف ذلك اختصاراً. قلت: ما اختصره بل اقتصره وبينه وأظهره بقوله خطبنا فإن الخطبة هي الحمد والثناء كما هو مشهور عند العلماء كذا في المرقاة (يا أيها الناس) وفي بعض النسخ أيها الناس (قد أظلكم) بالظاء المشالة أي أشرف عليكم وقرب منكم. قال في النهاية: أظلكم رمضان بالمعجمة أي أقبل عليكم ودنا منكم كأنه ألقى عليكم ظله (شهر عظيم) أي قدره لأنه سيد الشهور (صيامه) أي صيام نهاره (فريضة) أي فرضاً قطعياً (وقيام ليلة) أي أحياءه بالتراويح ونحوها (تطوعاً) أس سنة مؤكدة فمن فعله فاز بعظيم ثوابه ومن تركه حرم الخير وعوقب بعتابه قاله القاري: (من تقرب) أي إلى الله (فيه) أي في نهاره أو ليلة (بخصلة من الخير) أي من أنواع النفل (كان كمن) أي ثوابه كثواب من (أدى فريضة فيما سواه) أي من الأشهر (وهو شهر الصبر) لأن صيامه بالصبر عن المأكول والمشروب ونحوهما، وقيامه بالصبر على محنة السهر، ولذا أطلق الصبر على الصوم في قوله تعالى:{واستعينوا بالصبر والصلاة}[البقرة:١٥٣](الصبر) أي كماله المتضمن للشكر كما حرره الغزالي من أن وجوهما على وجه الكمال متلازمان، وبكل طاعة وخصلة حميدة متعلقان، فإن الإيمان نصفان، نصفه صبر، ونصفه شكر. فترك المعصية صبر وامتثال الطاعة شكر (ثوابه الجنة) أو يقال الصبر على الطاعة وعن المعصية جزاءه الجنة لمن قام به مع الناجين: وقال ابن حجر: أي من غير مقاساة لشدائد الموقف (وشهر المواساة) أي المساهمة والمشاركة في المعاش والرزق، وأصله الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً يقال آسى الرجل في ماله أي جعله أسوته فيه، وفيه تنبيه على الجود والإحسان على جميع أفراد الإنسان لاسيما على الفقراء والجيران (وشهر يزاد فيه رزق المؤمن) وفي بعض النسخ يزاد في رزق المؤمن فيه أي سواء كان غنياً أو فقيراً وهذا أمر مشاهد فيه، ويحتمل تعميم الرزق بالحسي والمعنوي