من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير إن ينتقص من أجره شيء قلنا: يا رسول الله! ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن، أو تمرة أو شربة من ماء ومن أشبع صائماً. سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.
ــ
(من فطر) بتشديد الطاء (فيه صائماً) أي أطعمه أو سقاه عند إفطاره من كسب حلال كما سيجيء (كان) أي التفطير (له) أي للمفطر (مغفرة لذنوبه وعتق رقبته) أي المفطر (من النار) أي سبباً لحصولهما وفي نسخة برفع المغفرة والعتق فالمعنى حصل له مغفرة وعتق (وكان له مثل أجره) أي حصل للمفطر مثل ثواب الصائم (من غير أن ينتقص) من باب الافتعال وفي الترغيب ينقص، وكذا نقله العيني (من أجره) أي من أجر الصائم (شيء) وهو زيادة إيضاح وإفادة تأكيد للعلم بعدم النقص من لفظ مثل أجره أولاً (ليس كلنا نجد ما نفطر) بالتكلم في الفعلين وفي نسخة بالغيبة فيهما قاله القاري، وذكره المنذري والعيني بالتكلم في الأول وبالغيبة في الثاني (به الصائم) كذا في بعض النسخ ووقع في بعضها بدون لفظة به وهكذا في الترغيب والعيني: قال القاري: أي لا يجد كلنا ما يشبعه وإنما الذي يجد ذلك بعضها فما حكم من لا يجد ذلك (يعطي الله هذا الثواب) أي من جنس هذا الثواب أو هذا الثواب كاملاً عند العجز عن الإشباع (على مذقة لبن) بفتح الميم وسكون الذال المعجمة أي شربة لبن يخلط بالماء يقال مذق اللبن من باب نصر أي مزجه بالماء والمذق والمذقة اللبن الممزوج بالماء (أو تمرة أو شربة من ماء) أو للتنويع في الموضعين (من حوضي) أي الكوثر في القيامة (شربة لا يظمأ) أي بعدها (حتى يدخل الجنة) أي إلى أن يدخلها، ومن المعلوم أن لا ظمأ في الجنة لقوله تعالى:{وأنك لا تظمؤ فيها}[طه:١١٩] فكأنه قال لا يظمأ أبداً (وهو) أي رمضان (شهر أوله رحمة) أي وقت رحمة نازلة من عند الله عامة ولولا حصول رحمته ما صام ولا قام أحد من خليقته،
لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
وقيل أي أول الشهر سبب لنزول رحمة الله التي يكون بها مستعد لظهور الأنوار الإلهية والأسرار الربانية ويخرج من ظلمات الذنوب والمعاصي (وأوسطه مغفرة) أي زمان مغفرته المترتبة على رحمته فإن الأجير قد يتعجل بعض أجره قرب فراغه منه (وآخره) وهو وقت الأجر الكامل (عتق) أي لرقابهم (من النار) والكل