للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.................................

ــ

أو يلزم تأخير العيد. إذا صام رجل من بلاد قسطنطينية ثم جاءنا قبل العيد- انتهى. وقال في حاشية شرح الإقناع من فروع الشافعية: وتثبت رؤيته في حق من لم يره ممن مطلعه موافق مطلع محل الرؤية بأن يكون غروب الشمس والكواكب وطلوعها في البلدين في وقت واحد، فإن غرب شيء من ذلك أو طلع في أحد البلدين قبله في الآخر لم يجب على من لم يره برؤية البلد الآخر وهذا أمر مرجعه إلى طول البلد وعرضها، سواء قربت المسافة أو بعدت. نعم! متى حصلت الرؤية للبلد الشرقي لزم رؤيته في البلد الغربي دون عكسه. كما في مكة المشرفة ومصر، فيلزم من رؤيته بمكة في مصر لا عكسه. لأن رؤية الهلال من أفراد الغروب - انتهى. قلت: قد استدل من اعتبر اختلاف المطالع في باب الصوم بما روى أحمد ومسلم والترمذي وأبوداود والنسائي وغيرهم عن كريب إن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقال رأيناه ليلة الجمعة فقال: أنت رأيته فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال النووي: هذا الحديث ظاهر الدلالة على أنهم إذا رأوا، الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم. قال: وقال بعض أصحابنا تعم الرؤية في موضع جميع أهل الأرض، وعلى هذا إنما لم يعمل ابن عباس بخبر كريب لأنه شهادة فلا تثبت بواحد لكن ظاهر حديثه إنه لم يرده لهذا أو إنما رده، لأن الرؤية لا يثبت حكمها في حق البعيد - انتهى. وقال السندي في حاشية النسائي: قوله هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتمل أن المراد به أنه أمرنا أن لا نقبل شهادة الواحد في حق الإفطار أو أمرنا أن نعتمد على رؤية أهل بلدنا ولا نعتمد على رؤية غيرهم، وإلى المعنى الثاني تميل ترجمة المصنف "اختلاف أهل الآفاق في الرؤية" وغيره (كالترمذي وأبي داود والمجد بن تيمية) لكن المعنى الأول محتمل فلا يستقيم الاستدلال وكأنهم رأوا أن المتبادر هو الاحتمال الثاني فبنوا عليه الاستدلال والله تعالى أعلم. وأطال الشوكاني الكلام في الجواب عن هذا الاستدلال، وتعقبه بوجوه من شاء الوقوف عليها رجع إلى النيل، وقد ذكر كلامه شيخنا في شرح الترمذي وسكت عليه، وعندي كلام الشوكاني مبني على التحامل يرده ظاهر سياق الحديث. والشام في جهة الشمالية من المدينة مائلاً إلى المشرق وبينهما قريب من سبعمائة ميل، فالظاهر إن ابن عباس رضي الله عنه إنما لم يعتمد على رؤية أهل الشام، واعتبر اختلاف المطالع لأجل هذا البعد الشاسع. واختلف القائلون باعتبار اختلاف المطالع في تحديد المسافة التي يعتبر فيها اختلاف المطالع وأكثر الفقهاء على أنها مسيرة شهر كما تقدم، وفي تحديد هذه المسافة بالميل إشكال لا يخفى وينبغي أن يرجع لذلك إلى علم الهيئة الجديدة ويعتمد على الجغرافيا الحديثة. وقد قالوا: إن كان الهلال في بلد على ارتفاع ثمان درجات من الأفق عند الغروب

<<  <  ج: ص:  >  >>