للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقال له رجل إنك تواصل يا رسول الله! قال: وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) .

ــ

ما ذهب إليه أحمد والله تعالى أعلم (فقال له رجل) كذا في هذه الرواية وفي أكثر الأحاديث قالوا: بالجمع. قال الحافظ: وكأن القائل واحد، ونسب القول إلى الجميع لرضاهم به ولم أقف على تسمية القائل في شيء من الطرق (إنك تواصل يا رسول الله) أي ووصلك دال على إباحته فأجابهم صلى الله عليه وسلم بأن ذ لك من خصائصه حيث (قال وأيكم مثلي) بكسر الميم، وفي رواية لمسلم لستم في ذلك مثلي، وفي حديث أنس لست كأحد منكم، وفي حديث ابن عمر لست مثلكم، وفي حديث أبي سعيد لست كهيئتكم، قال الحافظ: بعد ذكر رواية الكتاب وهذا الاستفهام يفيد التوبيخ المشعر بالاستبعاد وقوله: "مثلي" أي على صفتي أو منزلتي من ربي (إني) استيناف مبين لنفي المساواة بعد نفيها بالاستفهام الإنكاري (أبيت) وفي حديث أنس عند البخاري في التمنى إني أظل، وهو محمول على مطلق الكون لا على حقيقة اللفظ، لأن المتحدث عنه هو الإمساك ليلاً لا، نهاراً، وأكثر الروايات إنما هو بلفظ: أبيت فكأن بعض الرواة عبر عنها بلفظ: أظل نظراً إلى اشتراكهما في مطلق الكون يقولون كثيراً أضحى فلان كذا مثلا، ولا يريدون تخصيص ذلك بوقت الضحى ومنه قوله تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً} [النحل:٥٨] فإن المراد به مطلق الوقت ولا اختصاص لذلك بنهار دون ليل (يطعمني ربي) قال الطيبي: إما خبر وإما حال إن كان تامة وفي التعبير بالرب إشارة إلى خصيصة المقام بشأن الربوبية (ويسقيني) بفتح الياء ويضم، واختلف في معنى قوله: "يطعمني ويسقيني" على قولين الأول أنه على ظاهره وحقيقته وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة له يتناولهما في ليالي صيامه وتعقبه ابن بطال والقرطبي وابن قدامة ومن تبعهم بأنه لو كان كذلك لم يكن مواصلاً لأنه حينئذٍ يكون مفطراً وقد أقرهم على قولهم إنك تواصل وأجيب بأن ما يؤتى به الرسول على سبيل الكرامة من طعام الجنة وشرابها لا تجري عليه أحكام المكلفين فيه كما غسل صدره - صلى الله عليه وسلم - في طست الذهب، مع أن استعمال أواني الذهب الدينيوية حرام. وقال ابن المنير: الذي يفطر شرعاً إنما هو الطعام المعتاد وأما الخارق للعادة كالمحضر من الجنة فعلى غير هذا المعنى وليس تعاطيه من جنس الأعمال، وإنما هو من جنس الثواب كأكل أهل الجنة، والكرامة لا تبطل العبادة وثانيهما وهو قول الجمهور إنه مجاز واختلفوا في توجيهه على أقوال. أحدها أنه مجاز عن لازم الطعام والشراب وهو القوة فكأنه قال يعطيني قوة الآكل والشارب ويفيض علي ما يسد مسد الطعام والشراب ويقوي على أنواع الطاعات من غير ضعف في القوة ولإكلال في الأعضاء والثاني إن الله يخلق فيه من الشبع والرى ما يغنيه عن الطعام والشراب فلا يحس بجوع ولا عطش والفرق بينه وبين الأول أنه على الأول يعطى القوة من غير شبع ولا ري مع الجوع

<<  <  ج: ص:  >  >>