للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..................................

ــ

الظاهر- انتهى. قال الشوكاني: فلا أقل من أن تكون هذه الأدلة التي ذكروها صارفة للنهى عن الوصال عن حقيقته- انتهى. قال الحافظ: ويدل على أنه ليس بمحرم من حيث المعنى ما فيه من فطم النفس عن شهواتها وقمعها عن ملذاتها فلهذا استمر على القول بجوازه مطلقاً أو مقيداً بمن لم يشق عليه من تقدم ذكره - انتهى. واحتج من ذهب إلى تحريم الوصال بما ثبت من النهى عنه في حديث أبي هريرة وحديث أنس وحديث ابن عمر وحديث عائشة متفق عليهن، فإن النهى حقيقة في التحريم. وقد تقدم الجواب عن هذا في كلام الشوكاني فتفكر. واحتجوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر المتقدم إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم إذ لم يجعل الليل محلاً لسوى الفطر، فالصوم فيه مخالفة لوضعه كيوم الفطر وأجاب هؤلاء عن قول عائشة رحمة لهم بأن هذا لا يمنع التحريم فإن من رحمته لهم إن حرمه عليهم. وأما مواصلته بأصحابه بعد نهيه فلم يكن تقريراً بل تقريعاً وتنكيلاً فاحتمل منهم ذلك لأجل مصلحة النهى في تأكيد زجرهم، لأنهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهى. وكان ذلك ادعى إلى قلوبهم لما يترتب عليهم من الملل في العبادة، والتقصير فيما هو أهم منه وأرجح من وظائف الصلاة والقراءة وغير ذلك والجوع الشديد ينافي ذلك، وقد صرح بأن الوصال يختص به لقوله: "لست في ذلك مثلكم" وقوله:"لست كهيئتكم" هذا مع ما انضم إلى ذلك من استحباب تعجيل الفطر كما تقدم كذا في الفتح والأقرب من الأقوال المذكورة عندي هو التفصيل والله تعالى أعلم. وأما الوصال إلى السحر فاختلفوا فيه أيضاً. قال مالك: أنه مكروه لعموم النهى. وقال أحمد: لا يكره بل يجوز لكن تعجيل الفطر أفضل أي ترك الوصال إلى السحر أولى ولم يتعرض له فقهاء الحنفية، والذي يظهر من كلامهم وكلام الشافعية أن الوصال إلى السحر ليس بشيء. قال الحافظ: ذهب أحمد وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة وجماعة من المالكية (والبخاري وطائفة من أهل الحديث) إلى جواز الوصال إلى السحر لحديث أبي سعيد المذكور، وهذا الوصال لا يترتب عليه شيء مما يترتب على غيره (أي الوصال بعدم الافطار مطلقاً) لأنه في الحقيقة بمنزلة عشاءه إلا أنه يؤخره لأن الصائم له في اليوم والليلة، أكلة فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره وكان أخف لجسمه في قيام الليل، ولا يخفى إن محل ذلك ما لم يشق على الصائم وإلا فلا يكون قربة وانفصل أكثر الشافعية عن ذلك بأن الإمساك إلى السحر ليس وصالاً بل الوصال أن يمسك في الليل جميعه كما يمسك في النهار، وإنما أطلق على الإمساك إلى السحر وصالاً لمشابهته الوصال في الصورة. ويحتاج إلى ثبوت الدعوى بأن الوصال إنما هو حقيقة في إمساك جميع الليل. وقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يواصل من سحر إلى سحر أخرجه أحمد وعبد الرزاق من حديث علي، والطبراني من حديث جابر، وأخرجه سعيد بن منصور مرسلاً - انتهى. والقول الراجح عندي هو

<<  <  ج: ص:  >  >>