والجزري: الإجماع أحكام النية والعزيمة يقال أجمعت الرأي وأزمعته وعزمت عليه بمعنى- انتهى. وهذا يدل على أن الإجماع والإزماع والعزم بمعنى واحد وهو أحكام النية. قال القاري: وقيل: الإجماع هو العزم التام وحقيقته جمع رأيه عليه- انتهى. وقال الطيبي: يقال أجمع الأمر وعلى الأمر وأزمع على الأمر وأزمعه أيضاً إذا صمم عزمه ومنه قوله تعالى: {وما كنت لديهم إذا أجمعوا أمرهم}[يوسف:١١٢] أي أحكموه بالعزيمة حتى اجتعمت أراءهم عليه. والمعنى من لم يصمم العزم على الصوم (قبل الفجر) أي قبل الصبح الصادق وفي رواية من لم يبيت الصيام من الليل من التبييت وهو أن ينوي الصيام من الليل (فلا صيام له) فيه دليل على عدم صحة صوم من لا يبيت النية لأن الظاهر إن النفي متوجه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الذات أو متوجه إلى نفي الذات الشرعية. قال الأمير اليماني: الحديث يدل على أنه لا يصح الصيام، إلا بتبييت النية وهو أن ينوي الصيام في أي جزء من الليل وأول وقتها الغروب وذلك لأن الصوم عمل والأعمال بالنيات وأجزاء النهار غير منفصلة من الليل بفاصل يتحقق فلا يتحقق إلا إذا كانت النية واقعة في جزء من الليل- انتهى. والحديث عام للفرض والنفل والقضاء والكفارة والنذر معيناً ومطلقاً: وفيه خلاف وتفاصيل. قال القاري: ظاهر الحديث أنه لا يصح الصوم بلا نية قبل الفجر فرضاً كان أو نفلاً، وإليه ذهب ابن عمر وجابر بن زيد ومالك والمزني وداود. وذهب الباقون إلى جواز النفل بنية من النهار وخصصوا هذا الحديث بما روى عن عائشة أنها قالت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتيني فيقول أعندك غداء؟ فأقول لا فيقول إني صائم. وفي رواية إني أذن لصائم وإذن للاستقبال وهو جواب وجزاء- انتهى. والغداء اسم لما يؤكل قبل الزوال ومن ثمة لم تجز النية بعد الزوال ولا معه. والصحيح أن توجد النية في أكثر النهار الشرعي فيكون قبل الضحوة الكبرى. قال ابن حجر: وفي قول الشافعي وغيره إن نية صوم النفل تصح قبل الغروب لما صح عن فعل حذيفة- انتهى. قلت: هذا أحد القولين للشافعي والذي نص عليه في معظم كتبه التفرقة بين أن ينوي قبل منتصف النهار فيجزئه وبين أن ينوي بعد الزوال فلا يجزئه، وهذا هو الأصح عند الشافعية. قاله الحافظ: واتفقوا على اشتراط التبييت في فرض لم يتعلق بزمان معين كالقضاء والكفارة والنذر المطلق واختلفوا فيما له زمان معين كرمضان والنذر المعين فكذا عند الشافعي وأحمد، وعند أبي حنيفة يجوز بنية قبل نصف النهار الشرعي كذا في المرقاة. وقال ابن رشد في البداية (ج١ ص٢٠١- ٢٠٢) أما اختلافهم في وقت النية فإن مالكاً رآى أنه لا يجزي الصيام إلا بنية قبل الفجر وذلك في جميع أنواع الصوم وقال الشافعي (وأحمد) : تجزي النية بعد الفجر في النافلة ولا تجزي في الفروض وقال أبوحنيفة: تجزي النية بعد الفجر في الصيام المتعلق وجوبه بوقت معين كرمضان ونذر أيام محدودة وكذلك في النافلة ولا تجزي في الواجب من الذمة. والسبب في