للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

......................

ــ

من أهل الحديث. وقال ابن قدامة: هو قول عامة أهل العلم، منهم علي وابن مسعود وزيد وأبوالدرداء وأبوذر وابن عمر وابن عباس وعائشة وأم سلمة، وبه قال مالك والشافعي في أهل الحجاز، وأبوحنيفة والثوري في أهل العراق، والأوزاعي في أهل الشام، في أهل الشام، والليث في أهل مصر، وإسحاق وأبوعبيد في أهل الحديث، وداود في أهل الظاهر، وكان أبوهريرة يقول لا صوم له. ويروي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع عنه. قال سعيد بن المسيب: رجع أبوهريرة عن فتياه، وحكى عن حسن وسالم بن عبد الله قالا يتم صومه ويقضي. وعن النخعي في رواية يقضي في الفرض دون التطوع، وعن عروة وطاووس إن علم بجنابته في رمضان فلم يغتسل حتى أصبح فهو مفطر، وإن لم يعلم فهو صائم - انتهى. وقال الحافظ: قد بقي على مقالة أبي هريرة بعض التابعين كما نقله الترمذي (من غير ذكر أسماءهم) ثم ارتفع ذلك الخلاف واستقر الإجماع على خلافه كما جزم به النووي. (والأبي في شرح مسلم) وأما ابن دقيق العيد فقال صار ذلك إجماعاً أو كالإجماع - انتهى. قلت: وذهب ابن حزم إلى أنه لا يبطل صومه إلا أن تطلع عليه الشمس. وقيل: أن يغتسل ويصلي فيبطل صومه. قال: ذلك بناء على مذهبه في أن المعصية عمداً تبطل الصوم واحتج من قال بفساد صيام الجنب، بما روى أحمد وابن حبان عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا نودي للصلاة صلاة الصبح، وأحدكم جنب، فلا يصم حينئذٍ. وأخرجه النسائي والطبراني وعبد الرزاق بلفظ: قال أبوهريرة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالفطر إذا أصبح الرجل جنباً، وقد بين أبوهريرة كما فغي رواية البخاري والنسائي وغيرهما أنه لم يسمع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما سمعه بواسطة الفضل بن عباس وأسامة وكأنه كان لشدة وثوقه بخبرهما يرويه من غير واسطة. وحمل هؤلاء حديث عائشة وأم سلمة على أنه من الخصائص النبوية، وإن حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما ذكرت عائشة وأم سلمة، وحكم الناس على ما حكى أبوهريرة. ورُدَّ هذا بأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، وبأنه قد ورد صريحاً ما يدل على عدمها، وهو ما أخرجه مالك ومسلم وأبوداود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم عن عائشة، إن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، يستفتيه، وهي تسمع من وراء الباب فقال: يا رسول الله! تدركني الصلاة أي صلاة الصبح وأنا جنب أفأصوم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال: لست مثلنا يا رسول الله! قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلم بما أتقى. وأجاب الجمهور عن حديث أبي هريرة بأنه منسوخ وإن أباهريرة رجع عنه لما روى له حديث عائشة وأم سلمة وأفتى بقولهما، قال ابن خزيمة إن الخبر منسوخ، لأن الله تعالى عند ابتداء فرض الصوم كان منع في ليل الصوم من الأكل والشرب والجماع بعد النوم. قال فيحتمل أن يكون خبر الفضل حينئذٍ، ثم أباح الله ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>