للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...................................

ــ

كله إلى طلوع الفجر، فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر. فدل على أن حديث عائشة ناسخ لحديث الفضل، ولم يبلغ الفضل ولا أباهريرة الناسخ فاستمر أبوهريرة على الفتيا به، ثم رجع عند بعد ذلك لما بلغه. قال الحافظ: ويقويه إن في حديث عائشة المتقدم في الرد على دعوى الخصوصية ما يشعر بأن ذلك كان بعد الحديبية، لقوله فيها: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأشار إلى آية الفتح، وهي إنما نزلت بعد عام الحديبية سنة ست، وابتداء فرض الصيام كان في السنة الثانية. وإلى دعوى النسخ فيه ذهب ابن المنذر والخطابي وغير واحد، وقرره ابن دقيق العيد بأن قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم} [البقرة:١٨٧] يقتضى إباحة الوطى في ليلة الصوم، ومن جملتها الوقت المقارن لطلوع الفجر فيلزم إباحة الجماع فيه. ومن ضرورته أن يصبح فاعل ذلك جنباً ولا يفسد صومه، فإن إباحة التسبب للشيء إباحة لذلك الشيء، ورَدَّ البخاري حديث أبي هريرة بأن حديث عائشة أقوى إسناداً. قال الحافظ: وهو من حديث الرجحان كذلك، لأن حديث عائشة وأم سلمة في ذلك جاءا عنهما من طرق كثيرة جداً بمعنى واحد، حتى قال ابن عبد البر أنه صح وتواتر. وأما حديث أبي هريرة فأكثر الروايات أنه كان يفتى به، ورواية الرفع أقل، وعند تعارض الترجيح بكثرة الطرق وقوتها. وقال بعضهم: إن حديث عائشة أرجح لموافقة أم سلمة لها على ذلك، ورواية اثنين تقدم على رواية واحد، ولاسيما وهما زوجتان وهما أعلم بذلك من الرجال، ولأنهما ترويان ذلك عن مشاهدة بخلاف غيرهما، ولأن روايتهما توافق المنقول وهو ما تقدم من مدلول الآية والمعقول، وهو أن الغسل شيء وجب بالإنزال، وليس في فعله شيء يحرم على صائم فقد يحتلم بالنهار فيجب عليه الغسل ولا يحرم عليه بل يتم صومه إجماعاً، فكذلك إذا احتلم ليلاً بل هو من باب الأولى. وإنما يمنع الصائم من تعمد الجماع نهاراً. قال الحافظ: القول بالنسخ أولى من سلوك الترجيح بين الخبرين. وجمع بعضهم بينهما بأن الأمر في حديث أبي هريرة إرشاد إلى الأفضل، فإن الأفضل أن يغتسل قبل الفجر، فلو خالف جاز ويحمل حديث عائشة على بيان الجواز. ويعكر عليه التصريح في كثير من طرق حديث أبي هريرة بالأمر بالفطر وبالنهي عن الصيام فكيف يصح الحمل على الإرشاد إذا وقع ذلك في رمضان. وقيل: هو محمول على من أدركه الفجر مجامعاً فاستدام بعد طلوعه عالماً بذلك ويعكر عليه ما رواه النسائي إن أباهريرة كان يقول: من احتلم وعلم باحتلامه ولم يغتسل حتى أصبح فلا يصوم. فائدة في معنى الجنب الحائض والنفساء إذا انقطع دمها ليلاً ثم طلع الفجر قبل اغتسالها. وهو مذهب العلماء كافة، إلا ما حكى عن بعض السلف أنه لا يصح صومها. قال ابن قدامة (ج٣ ص١٣٨) الحكم في المرأة إذا انقطع حيضها من الليل كالحكم في الجنب سواء، ويشترط أن ينقطع حيضها قبل طلوع الفجر؛ لأنه إن وجد جزء منه في النهار

<<  <  ج: ص:  >  >>