للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.........................

ــ

الثالث احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم، الرابع احتجم وهو صائم محرم، فالأول، روى من طرق شتى عن ابن عباس عند أحمد والشيخين وغيرهم، واتفقا عليه من حديث عبد الله بن بحينة، وفي النسائي وغيره من حديث أنس وجابر. والثاني: رواه البخاري وأصحاب السنن. والثالث رواه البخاري. قال الحافظ: والظاهر إن الراوي جمع بين الحديثين. والرابع رواه أحمد وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم وصححه الترمذي، وأعله أحمد وعلي بن المديني وغيرهما. فقال أحمد: إن أصحاب ابن عباس لا يذكرون صياماً يعني ليس عندهم صائم، وإنما هو محرم. وقال أبوحاتم: هذا خطأ أخطأ فيه شريك، إنما هو احتجم وأعطى الحجمام أجرته، كذلك رواه جماعة عن عاصم. وشريك حدث من حفظه وقد ساء حفظه فغلط فيه. وقال الحميدي: هذا ريح لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن صائماً محرماً لأنه خرج في رمضان في غزوة الفتح ولم يكن محرماً. وقال الحافظ: استشكل النسائي كونه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصيام والإحرام لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام في السفر ولم يكن محرماً إلا وهو مسافر، ولم يسافر في رمضان إلى جهة الإحرام إلا في غزاة الفتح، ولم يكن حينئذٍ محرماً قلت (فقائله الحافظ) وفي الجملة الأولى نظر، فما المانع من ذلك فلعله فعل مرة لبيان الجواز، وبمثل هذا لا ترد الإخبار الصحيصة، ثم ظهر لي إن بعض الرواة جمع بين الأمرين في الذكر، فأولهم أنهما وقعا معاً والأصوب رواية البخاري احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرما، فيحمل على أن كل واحد منهما وقع في حالة مستقله، وهذا لا مانع منه، فقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - صام في رمضان وهو مسافر، وهو في الصحيحين بلفظ: وما فينا صائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن رواحة، ويقوى ذلك إن غالب الأحاديث ورد مفصلاً كما تقدم. وقد اختلف في الحجامة للصائم: فذهب الجمهور منهم مالك والشافعي وأبوحنيفة إلى أنه لا بأس بها عند الأمن وإنها لا تفطر الصوم مطلقاً، وحجتهم حديث ابن عباس وما وافقه. وقال: عطاء والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبوثور وابن خزيمة وابن المنذر وأبولبيد النيسابوري وابن حبان: أنه يفطر الحاجم والمحجوم ويجب عليهما القضاء وشذ عطاء فأوجب الكفارة أيضاً، واحتج هؤلاء بحديث أفطر الحاجم والمحجوم وقال قوم: منهم مسروق والحسن وابن سيرين يكره الحجامة للصائم مطلقاً، ولا يفسد الصوم بها، نعم ينقص أجر صيامهما بإرتكاب هذا المكروه وأجاب القائلون بعدم الفطر عن حديث أفطر الحاجم والمحجوم بوجهين أحدهما ادعاء النسخ قال ابن عبد البر: أنه منسوخ لحديث ابن عباس، لأن في حديث شداد وغيره أنه - صلى الله عليه وسلم - مر عام الفتح على من يحتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان، فقال أفطر الحاجم والمحجوم. وابن عباس شهد معه حجة الوداع سنة عشر، وشهد حجامته حينئذٍ وهو محرم صائم. وحديث ابن عباس لا مدفع فيه عند أهل الحديث فهو ناسخ لا محالة

<<  <  ج: ص:  >  >>