٢٠٢٣- (٥) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب
ــ
بهذا القول إذ كانا قد أمسيا ودخلا في وقت الإفطار، كما يقال أصبح الرجل وأظهر وأمسى إذا دخل في هذه الأوقات. ويدل عليه ما روى ابن حبان والطبراني في الأوسط عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أباطيبة فوضع المحاجم مع غيبوبة الشمس، ثم أمره مع إفطار الصائم فحجم- الحديث. قال الهيثمي بعد عزوه إلى الطبراني: رجاله رجال الصحيح. وقيل معنى أفطرا فعلاً مكروهاً، وهو الحجامة فصار كأنهما غير متلبسين بالعبادة. قال الخطابي: قال بعضهم: هذا على التغليظ لهما والدعاء عليهما كقوله فيمن صام الدهر، لا صام ولا أفطر فمعنى قوله أفطر الحاجم والمحجوم على هذا التأويل أي بطل أجر صيامهما فكأنهما صارا مفطرين غير صائمين. وقيل معناه حان لهما أن يفطرا كقوله أحصد الزرع إذا حان له أن يحصد وأركب المهر إذا حان له أن يركب ذكره الخطابي أيضاً. وقال الشوكاني: حديث ابن عباس لا يصلح لنسخ أحاديث الإفطار؛ لأنه لم يعلم تأخره نعم حديث ابن أبي ليلى وأنس وأبي سعيد يدل على أن الحجامة غير محرمة ولا موجبة لإفطار الحاجم ولا المحجوم، فيجمع بين الأحاديث بأن الحجامة مكروهة (بكراهة التنزيه) في حق من كان يضعف بها وتزداد الكراهة إذا كان الضعف يبلغ إلى حد يكون سبباً للإفطار، ولا تكره في حق من كان لا يضعف بها وعلى كل تجنب الحجامة للصائم أولى فيتعين حمل قوله أفطر الحاجم والمحجوم على المجاز لهذه الأدلة الصارفة له عن معناه الحقيقي - انتهى. (متفق عليه) فيه نظر، فإن الحديث من أفراد البخاري وليس عند مسلم ذكر الاحتجام في حالة الصوم أصلاً، ولذلك نسبة المجد في المنتقى والحافظ في بلوغ المرام والتلخيص والنابلسي في الذخائر إلى البخاري فقط. والظاهر إن المنصف قلد في ذلك ابن الأثير الجزري إذ عزاه في جامع الأصول (ج٧ ص١٩١) إلى البخاري ومسلم وكليهما ولا شك في أن هذا وهم منه. وقد تقدم ذكر من أخرجه غير البخاري. وفي جواز الحجامة للصائم أحاديث عن جماعة من الصحابة ذكرها العيني في شرح البخاري (ج١١ ص٤٠) والهيثمي في مجمع الزوائد (ج٣ ص١٧٠) .
٢٠٢٣- قوله:(من نسي) أي أنه في الصوم (وهو صائم فأكل أو شرب) سواء كان قليلا أو كثيراً كما رجحه النووي لظاهر إطلاق الحديث. قال العيني: لا فرق عندنا وعند الشافعي بين القليل والكثير. وقال الرافعي فيه وجهان، كالوجهين. في بطلان الصلاة بالكلام الكثير - انتهى. وقد روى أحمد من حديث أم إسحاق إنها كانت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتى بقصعة من ثريد فأكلت معه ثم تذكرت إنما كانت صائمة. فقال: لها ذو اليدين الآن بعد ما