للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.......................

ــ

الإطعام من وضع المطعوم في الفم. بل يكفي الوضع بين يديه بلا خلاف، وفي إطلاق الإطعام ما يدل على الاكتفاء بوجود الإطعام من غير اشتراط مناولة بخلاف زكاة الفرض، فإن فيها النص على الإيتاء. وصدقة الفطر فإن فيها النص على الأداء، وفي ذكر الإطعام ما يدل على وجود طاعمين فيخرج الطفل الذي لم يطعم كقول الحنفية، ونظر الشافعي إلى النوع فقال: يسلم لوليه وذكر الستين ليفهم أنه لا يجب ما زاد عليها، ومن لم يقل بالمفهوم تمسك بالإجماع على ذلك. والحكمة في هذه الخصال الثلاث في الكفارة على ما ذكر إن من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يعتق رقبة فيفدى نفسه. وقد صح أن من اعتق رقبة اعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار. وأما الصيام فمناسبته ظاهرة؛ لأنه كالمقاصة بجنس الجناية. وأما كونه شهرين فلأنه لما أمر بمصابرة النفس في حفظ كل يوم من شهر رمضان على الولاء، فلما أفسد منه يوماً كان كمن أفسد الشهر كله من حيث أنه عبادة واحدة بالنوع، فكلف بشهرين مضاعفة على سبيل المقابلة لنقيض قصده. وأما الإطعام فمناسبته ظاهرة؛ لأنه مقابلة كل يوم بإطعام مسكين. وفي الحديث دليل على جريان الخصال الثلاث المذكورة، في الكفارة وإليه ذهب جمهور العلماء، واختلفت الرواية عن مالك في ذلك، فالمشهور عنه الجزم في كفارة الجماع في رمضان بالإطعام دون غيره من الصيام والعتق، وعنه يكفر بالأكل بالتخيير، وفي الجماع بالإطعام فقط. وعنه التخيير مطلقاً، وفي المدونة. ولا يعرف مالك غير الإطعام ولا يأخذ بعتق ولا صيام. قال ابن دقيق العيد: وهي معضلة لا يهتدي إلى توجيهها مع مصادمة الحديث الثابت غير أن بعض المحققين من أصحابه حمل هذا اللفظ وتأوله على الاستحباب في تقديم الطعام على غيره من الخصال، ووجهوا ترجيح الطعام على غيره بوجوه فذكرها ثم قال: وكل هذه الوجوه لا تقاوم ما ورد في الحديث من تقديم العتق على الصيام، ثم الإطعام سواء، قلنا الكفارة على الترتيب أو التخيير فإن هذه البداءة إن لم تقتض وجوب الترتيب فلا أقل من أن تقتضي استحبابه، واحتج لمالك أيضاً بأن حديث عائشة لم يقع فيه سوى الإطعام، وجوابه أنه اختصار من بعض الرواة، وقد ورد فيه من وجه آخر ذكر العتيق أيضاً، ووقع في حديث أبي هريرة ذكر العتق وصيام شهرين أيضاً، والقصة واحدة. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. ومن المالكية من وافق على هذا الاستحباب، ومنهم من قال إن الكفارة تختلف باختلاف الأوقات، ففي وقت الشدة تكون بالإطعام، وفي غيرها تكون بالعتق والصوم، ونقلوه عن محققي المتأخرين. ومنهم من قال الإفطار بالجماع يكفر بالخصال الثلاث وبغيره لا يكفر إلا بالإطعام وهو قول أبي مصعب. وقال ابن جرير الطبري: هو مخير بين العتيق والصوم، ولا يطعم إلا عند العجز عنهما. وفي الحديث أنه لا مدخل لغير هذه الثلاث في الكفارة وجاء عن بعض المتقدمين إهداء البدنة عند تعذر الرقبة، وربما أيده بعضهم بإلحاق إفساد

<<  <  ج: ص:  >  >>